مشروعية صلاة العيد
يُطلَق اسم العيد على اليوم الذي يتمّ الاحتفال فيه بمناسبة مُفرِحة، وقد شرع الله -تعالى- لعباده المسلمين ثلاثة أعياد؛ عيد الفِطر، وعيد الأضحى، ويوم الجمعة، قال -عليه السلام-: (لا تصوموا يومَ الجمعةِ فإنَّه يومُ عيدٍ إلَّا أنْ تصِلوه بأيَّامٍ)،[١] وقد ورد الدليل على مشروعيّة صلاة العيد في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة؛ ففي القرآن الكريم قال -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[٢] والمقصود من الآية الكريمة صلاة العيد، أمّا السنّة النبويّة الشريفة، فمنها ما ورد عن عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنه- من أنّه قال: (شَهِدْتُ العِيدَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ).[٣][٤]
وتأتي صلاة عيد الفِطر بعد الانتهاء من صيام شهر رمضان المبارك، أمّا صلاة عيد الأضحى، فتكون بعد الانتهاء من شعائر الحجّ، ختاماً للأيّام العشرة الأولى من شهر ذي الحِجّة، وتُعَدّ هذه الصلوات بمثابة شُكرٍ لله -تعالى- على إكمال أداء تلك العبادات العظيمة، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ).[٥][٦]
عدد ركعات صلاة العيد
صلّى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- صلاة العيد ركعتَين، وقد نقل هذا الصحابيّ الجليل عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- حين أخبر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قام يوم العيد فصلّى ركعتَين لم يُصلِّ غيرهما،[٧] وجاء الدليل من السنّة بما قاله عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: (صلاةُ الأضحى ركعتان، وصلاةُ الجُمُعةِ ركعتان، وصلاةُ الفِطْرِ ركعتان، وصلاةُ المسافرِ ركعتان، تمامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، على لسانِ نبيِّكم وقد خاب مَنِ افْتَرَى)،[٨][٩] كما جاء الإجماع على أنّ صلاة العيد ركعتان، وقد نقل هذا الإجماع الماورديّ، والنوويّ، والصنعانيّ، وغيرهم،[١٠] ولم يقع الخلاف بين العلماء على عدد ركعات صلاة العيد، فقد اتّفقوا جميعهم على أنّهما ركعتان؛ بناءً على ما تواتر عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من صلاته إيّاهما ركعتَين، وكذلك الأئمّة -رضي الله عنهم-.[١١]
كيفيّة صلاة العيد
صلاة العيد ركعتان كما هو معلوم وباتِّفاق الفقهاء؛ إلّا أنّ كيفيّتها تختلف من مذهب إلى آخر؛ فعند الحنفيّة تُكبَّر ثلاث تكبيرات في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وثلاث تكبيرات في الركعة الثانية بعد قراءة القرآن، بينما تُكبَّر عند المالكية والحنابلة ستّ تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية قبل القراءة، أمّا الشافعيّة فذهبوا إلى أنّها سبع تكبيرات في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية قبل القراءة، وقد ندبَ جمهور العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة أن يقرأ المسلم في الركعة الأولى سورة الأعلى بعد الفاتحة، وفي الركعة الثانية سورة الغاشية، كما واستحبّ المالكيّة قراءة سورة الشمس في الركعة الثانية إن لم يقرأ الغاشية، وندب الشافعية قراءة سورة ق وسورة القمر في الركعة الثانية إن لم يقرأ المصلّي سورة الغاشية، وتجد الإشارة إلى أنّ صلاة العيد ليس لها أذان أو إقامة.[٩]
تشبه خطبة صلاة العيد خطبة يوم الجمعة، وتتضمن خطبتين يجلس الإمام بينهما، يقدّم فيهما النصيحة للمسلمين ويذكّرهم بما عليهم في العيد؛ فإن كان عيد الفطر يذكّرهم بشكر الله -تعالى- على ما أتّمه عليهم من صيام شهر رمضان، ويحثّهم على الاستمرار في أداء الطاعات، والانتهاء عن المحرّمات وعدم العودة إليها، وتكرار التوبة، والإكثار من فعل الخيرات وذكر الله -تعالى- كثيراً، ويبيّن لهم حكم أداء زكاة الفطر، وإن كان عيد الأضحى فيبيّن لهم أحكام الأضحية، وما في أيام التشريق من تكبير وذكر وبيان حكم الصيام في العيد وما بعده من أيّام التشريق، ويذكّرهم بما يذكرهم به في عيد الفطر.[١٢]
حُكم صلاة العيد
وقد بيّن الإمام أحمد بن حنبل أنّ صلاة العيد هي فرض كفاية؛ إذا فعلها البعض سقطت عن الباقي، أمّا الإمام أبي حنيفة ذهب إلى أنّ صلاة العيد فرض عين وهي رواية عن الإمام أحمد، أمّا الإمام مالك وغالبيّة أصحاب الإمام الشافعي فقد بيّنوا أنها سنّة مؤكّدة واستدلّوا بقول النبيّ للأعرابيّ الذي سأل عن صلوات الفرض هل عليه غيرهنّ؛ فقال له النبي -عليه السلام-: (لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ)،[١٣] ومما استدل به أصحاب القول بأنها فرض عين ما أخبرت به أم عطية -رضي الله عنها-: (أَمَرَنَا، تَعْنِي النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَ في العِيدَيْنِ، العَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، وَأَمَرَ الحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى المُسْلِمِينَ)،[١٤] كما أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- التزم بها ولم يتخلف عنها منذ أن فرضها الله -تعالى- حتّى انتقل إلى الرفيق الأعلى، وقد تبعه بها من بعده الخلفاء الراشدين؛ إذ إنها تعتبر من شعائر الدين.[٤]
المراجع
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3610، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة الكوثر ، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 962، صحيح.
- ^ أ ب سعيد القحطاني ، صلاة العيدين، الرياض: مطبعة السفير ، صفحة 6-8، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1134 ، صحيح .
- ↑ مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (2010)، محمد بن إبراهيم التويجري (الطبعة الحادية عشرة)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع ، صفحة 544. بتصرّف.
- ↑ عطية سالم ، شرح بلوغ المرام، صفحة 4، جزء 105. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن خزيمة، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1425، إسناده صحيح .
- ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة )، دمشق: دار الفكر ، صفحة 1395، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "عَددُ رَكعاتِ صَلاةِ العِيدِ"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2020. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (1995)، الشرح الكبير (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، صفحة 341، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن باز ، فتاوى نور على الدرب، صفحة 362-363، جزء 13. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 46، صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم: 890، صحيح .