المسجد النبوي الشريف
يُعتبر المسجد النّبويُّ الشّريف ثاني أهمِّ المساجد في الإسلام؛ فهو يأتي من حيث المرتبة بعد المسجد الحرام في مكّة المُكرّمة، وقبل المسجد الأقصى المُبارك في مدينة القُدس، وهو ثاني المساجد التي تُشَدُّ الرِّحال إليها، وهو الذي يحتوي قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقبرَي صاحبَيه، ووزيرَيه: الصدّيق، والفاروق -رضي الله عنهما-، ومن هُنا فقد كانت لهذا المسجد منزلةٌ رفيعةٌ في قلوب المُسلمين من شتى أصقاع العالم، وعلى مرِّ الأزمان والعصور.
تاريخ بناء المسجد النبوي
كان بناءُ مسجدٍ جامعٍ للمسلمينَ على رأسِ أولويّات قائد الدّولة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته من مكّة المُكرّمة إلى المدينة المنوّرة؛ لما سيعود ذلك على المسلمين جميعاً بفوائدَ لا حصر لها، ومن هنُا، فقد نزل الرّسول الأعظمُ أوّل ما نزل في منطقة تُدعى قِباء، وهي كالضّاحية بالنّسبة للمدينة المُنوّرة، حيث بنى فيها أوّل مسجد في الإسلام، وهو مسجد قباء، والذي لا يَزال محطّةً مُهمّة لكلّ من يزورون المدينة المنوّرة حتى يومنا هذا.
بعد ذلك، دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فأخذ الأنصارُ الكرامُ يتسابقون لنَيل شرف نُزول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منازلهم، لكنّ الرسول الأعظم، ترك الأمر للنّاقة كونَها تسير بأمرِ الله تعالى، إلى أن انتهى المَطاف بها في موقع المسجد النّبوي، فبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه الصّحابة الكرامُ هذا المسجد المُبارك، في هذه البُقعة من الأرض، وقد كان ذلك في العام الأوّل من الهجرة النّبويّة الشّريفة، بعد وصول الرسول -صلى الله عليه وسلم- المدينة ببضعة أيّام.
أبعاد المسجد النبوي وقت بنائه
جعل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- طول المسجدِ خمسةً وثلاثين متراً، أمّا عرضُه فقد قارب الثّلاثين متراً، في حين بلغ ارتفاعُه مترين تقريباً، أمّا المساحةُ الإجماليّةُ للمسجد فقد ناهزت ألفاً وخمسين متراً مربعاً تقريباً، هذا وقد احتوى المسجد النّبويُّ الشّريف في بادئ الأمر على أبوابٍ ثلاثة هي: الباب الجنوبيّ، والبابُ الشّرقيّ المعروف بباب جبريل أو باب النّبي، والبابُ الغربيُّ أو ما يُعرف بباب الرّحمة، وقد أُغلِق الباب الجنوبي لاحقاً بعد تغيُّر القِبلة، ليُفتَح بابٌ آخر من الجهة الشّماليّة للمسجد.
إلى جانب ذلك، فقد احتوى تصميم المسجد النّبويّ عندما بُني في العهد النّبوي الميمون على حُجُرات زوجاتِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذه المنطقة دُفِن جسده الطّاهر الشّريف، وجسدَي صاحبَيه كما سبق وأسلفنا، وممّا يجدر ذكره أنّ المُسلمين وعلى امتداد ألف وأربعمئة عام، ونظراً لتزايد أعدادهم فقد أجروا العديد من التّوسُّعات والتّعديلات على هذا المسجد المُبارك، ليصير في نهاية المطاف بشكله الحاليّ ذا تصميم رائع.