محتويات
مفهوم القانون
يُعرّف القانون بحسب معجم المعاني الجامع بأنّه مجموعة من القواعد، والأحكام التي تنظم علاقات، وسلوكيّات الأفراد تجاه بعضهم، من خلال الدولة، أو بواسطة الحاكم،[١]وكلمة قانون أصلها يوناني (Kanon) وهي تعني "العصا المستقيمة" ودلالة هذا المعنى هو اتبّاع النُظم، والقواعد التي تحكم المجتمع، ونُقلت كلمة قانون اليونانية إلى لغات مختلفة، وتُرجمت بمعنى "مستقيم" ودلالة هذا المعنى هو أنّ القانون هو الحدّ الفاصل بين الاستقامة والانحراف، ووفق لذلك فإنّ تعريف القانون بمعناه العام هو مجموعة من القواعد، والأحكام المُلزمة، والمُنَظِّمة للعلاقات بين أفراد المجتمع، وهي القواعد التي تجعل العلاقات بين الأفراد تسير ضمن قاعدة واحدة وثابتة حفظاً للنظام.[٢]
مصادر القانون
المصادر المادّية
هي المصادر التي انبثق منها القانون، فهي المادّة الأولية التي يتكون مضمون القانون منها، وتُسمّى بالمصادر الحقيقية للقانون، وهناك عدّة مذاهبَ طرحت فكرةَ المصادر الماديّة للقانون، وهي:[٣]
- مذهب القانون الإلهي: يُعتبر المذهبُ الإلهي من المذاهب القديمة جداً في الطرح القانوني، ويدور هذا المذهب حولَ وجود مبادئ ثابتة، ومثالية غير خاضعة لعوامل الزمان، والمكان، فهي خالدة، وسرمديّة، وصالحة لكلّ زمان ومكان، فهي تتّصف بالعالميّة، ومصدرها الحقيقي هو الله عزّ وجّل، الذي جعل لحياة الإنسان منظومةً قانونية، وأخلاقية أرسلها للإنسان من خلال الرسل، والأنبياء، وما حملوه من الشرائع الدينية، وعلى سبيل المثال فإنّ القوانين في الشريعة الإسلامية تضبطها، وتحدّدها عدّة مصادرَ، منها القرآن الكريم، والسنة النبوية، ويضاف إليهم الإجماع، والقياس كنتاج للاجتهاد في الفقه الإسلامي.
- مذهب القانون الطبيعي: هو مذهب فلسفي قديم طرحَ فكرةَ القانون في بداياته بطرح شبيه بالمذهب الإلهي، من حيثُ صلاحيته لكلّ زمان ومكان، وعالميّته، وخلوده، فقد بدأ هذا المذهب مع هرقليطس في اليونان، وتطور مع شيشرون في العصر الروماني، وفُصِلت فكرةُ المذهب الإلهي عن المذهب الطبيعي في بدايات القرن السادس عشر على يد الهولندي جروسيوس، ثمّ على يد الألماني بيفيندورف، ثمّ أكملت مراحلَ تطوّرها إلى أن فُصِلت تماماً عن المذهب الإلهي ذي الطابع الديني، وبشكل عامّ فإنّ أنصار هذا المذهب يرون أنّ القانون هو قواعدُ ثابتة لا تتغير، ولا تتبدّل، ومصدرُها العقل البشري القادر على تحويل التجربة الحسيّة بالواقع إلى قوانينَ منظّمة فيما بعد.
- مذهب القانون الوضعي: هو مذهب مُعارض للمذهبِ الطبيعي، وينقسم إلى عدّة اتجاهات، وهي:
- الاتجاه الأول: يرى أنّ القانون هو تعبير عن إرادة الحاكم، أو إرادة الدولة، ومن أبرز مفكري هذا الاتجاه أوستن، وهيجل، ووايرنج.
- الاتجاه الثاني: يرى أنّ القانون هو نتاج البيئة الاجتماعية للأفراد، وأبرز مفكريه الألماني سافيني، الذي يرى بأنّ القانون يعبّر عن روح الشعب، وعن ظروفه، وطبيعته.
- الاتجاه الثالث: يرى أنّ القانون الوضعي يقوم على فكرة التضامن الاجتماعي للأفرد، وأبرز مفكري هذا الاتجاه هو ديجي.
- مذهب القانون التوفيقي: هو مذهب نشأ على إثر الصراع، والتناقض بين المذهب الطبيعي، والوضعي للقانون، والذي حاول التوفيق بين المذهبين، وإيجاد موقف معتدل بين مثالية الطبيعيين، وواقعية الوضعيين.
المصادر الرسميّة
هي المصادر التي يستمدُّ منها القانون قوتَّه الإلزامية، ليصبح واجباً تنفيذه من قِبل الأفراد، وتختلف صفة الرسمية للقانون باختلاف موطن تنفيذه، ومن المصادر الرسمية للقانون التشريع؛[٤] فبالرغم من أنّ التشريع لم يكن ذا مكانة بين مصادر القانون قديماً، بسبب العُرف الذي كان سائداً بين الناس، إلا أنّه يُعتبر الآن كمصدر أوّل من مصادر القانون في غالبية الدول الكبرى، ويشير مفهوم التشريع إلى القواعد القانونية المكتوبة كنصّ، والتي تنظّم علاقات الأفراد في المجتمع من خلال السلطة السياسية، فهي قواعدُ قانونية تنظّم أمراً ما، مثل تشريع الضرائب، ومن مزايا التشريع، والتي تجعله متصدّراً على باقي مصادر القانون ما يلي:
- صياغته بطريقة مكتوبة، محكمة، وواضحة من قّبل مختصّين، دون أن تثير لَبساً في فهمها من قبل الأفراد، فتحصل المنازعات.
- تطبيقه على جميع الناس، وذلك تحقيقاً لوحدة القانون في الدولة.
- إعداده يستغرق وقتاً قصيراً، وبالتالي يستجيب بسرعة للضرورات، والمستجدّات في المجتمع.
للتشريع ثلاثة أنواع متدرجة، بحسب قوتها القانونية:
- التشريع الأساسي: يتمثّل بالدستور، والذي هو عبارة عن مجموعة من القواعد الأساسية التي تبين طبيعة الدولة، وطبيعة نوع الحكم فيها، وكيفية توزيع السلطات الثلاث، والعلاقة بين السلطات الثلاث، وحقوق الأفراد، وواجباتهم في الدولة، وغيرها من الأمور.
- التشريع العادي: يسمّى بالتشريع الرئيسي، وهو الذي تضعه السلطّة المشرّعة في الدولة ضمن حدود سلطتها الواردة في الدستور، ويتضمن التشريع العادي الأمور غير المتعلقة بالنظام الأساسي للدولة، فهي تضع القوانين ضمن إطار التشريع الأساسي (الدستور) مثل سنّ قانون الضريبة، أو الإصلاح الزراعي، أو غيرها من الأمور.
- التشريع الفرعي: هو التشريع الصادر عن السلطة التنفيذية في ظروف استثنائية، فيتوجّب عليها أن تحلَّ محلّ السلطة التشريعية في سنّ القوانين، وضمن الإطار المُحدّد لها في التشريع الأساسي، ومن المعلوم أنّ السلطة التنفيذية غيرُ مخوّلة بسنّ القوانين، فدورها ينحصر في تنفيذ قوانين السلطة التشريعية، ولكن كما ذكرنا سابقاً في حالات استثنائية فقط، ولهذا تسمّى أحياناً بالسلطة التشريعية الفرعيّة، لتمييزها عن السلطة التشريعية الأصلية.
المصادر الاحتياطيّة
تنقسم المصادر الاحتياطية للقانون إلى نوعين:[٥]
- الدين: يُعتبَر الدين من المصادر الاحتياطية الرسميّة في جميع المجتمعات التي تدين بديانة ما، سواءً مجتمعات غربية، أم مجتمعات شرقيّة، وسواءً كانت الديانة الإسلامَ، أم المسيحيةَ، أم اليهودية، أم غيرها من الديانات الوضعيّة، فمعرفة الإنسان بالدين سابقة على معرفته بالقانون، والقواعد، والقوانين الدينية تشير إلى القواعد الإلهية التي وصلت للناس من خلال الأنبياء والرسل، حيث تنظّم هذه القواعد علاقة الإنسان بربّه، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع غيره من الناس، وكانت الشريعة الإسلاميّة تعتبر المصدرَ الرسمي للتشريع في كثير من المجتمعات الإسلاميّة، ولكن مع غزو الدول الاستعماريّة تراجع دور الشريعة الإسلامية، لتحلّ محلّها أنظمة حكم غربية غريبة على المجتمعات العربية.
- العُرف: يُعتبر العُرف من المصادر القانونية القديمة قِدم الإنسان نفسه، ويشير مفهوم العُرف إلى ما اعتاد الناس على فعله بطريقة معيّنة، مع الاعتقاد بإلزاميّته.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى القانون في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2018. بتصرّف.
- ↑ د.احمد محمد الرفاعي (2007)، المدخل للعلوم القانونية (الطبعة الأولى)، مصر: جامعة بنها، صفحة 7-8. بتصرّف.
- ↑ د.احمد سي علي (2010)، محاضرات في النظرية العامة للقوانين وتطبيقاتها في القوانين الجزائرية (الطبعة الأولى )، الجزائر: جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف، صفحة 182-191. بتصرّف.
- ↑ د.توفيق حسين فرج، المدخل للعلوم القانونية (الطبعة الأولى )، القاهرة: مؤسسة الثقافة الجامعية ، صفحة 65-69. بتصرّف.
- ↑ د.احمد سي علي (2010)، محاضرات في النظرية العامة للقانون وتطبيقاتها في القوانين الجزائرية (الطبعة الأولى)، الجزائر: جامعة حسيبة بن بو علي الشلف، صفحة 217-230. بتصرّف.