أيام التشريق
يعرّف التشريق في اللغة بأنّه جعل اللحم قديداً، وهي عادة قديمة عند العرب تُعرَّف بالتشريق، وتعني تقطيع اللحم قطعاً صغيرة، وتجفيفه تحت أشعة الشمس؛ فيسمى قديداً،[١] وفي الشرع هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر،[٢] أي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة.[٣]
سبب تسمية أيام التشريق
عُرفت أيام التشريق بهذا الاسم لأنّ الناس كانوا قديماً يقومون بتقطيع اللحم إلى أجزاء صغيرة، ويضعونه في الشمس كطريقة لحفظه لعدم وجود ثلاجات في ذلك الوقت، وذلك ليأكلوا منه مدّة الأيّام الثلاث دون أن يفسد،[٤] وكانت تُتَّبع نفس الطريقة في حفظ لحوم الأضاحي، والهدي عندما تكثر في الحَجّ، ويتساوى في ذلك الفقير والغني، وذلك من خلال نشر اللحوم على الجبال، والصخور، بعد أن تُقَطَّع إلى شرائح صغيرة، لتتعرض لأشعة الشمس فتذهب منها الرطوبة التي تُفسدها؛ فتحافظ اللحوم على تركيبتها الطبيعية من الألياف والخلايا التي تجعلها تبقى لفترات طويله صالحة للأكل، وكانت تُسمى القديد، كما أنَّ هناك سبباً آخر في تسمية أيام التشريق بهذا الاسم، وذلك أنَّ الناس كانوا يؤخّرون الذبح إلى أن تطلع الشمس، ولا يذبحون ليلاً.[٥]
وقال أبو العبّاس أنّها سُمّيت بأيام التشريق؛ لأنّ الذبح لا يُصبح واجباً فيها إلّا بعد شروق الشمس، واحتجوا على قولهم بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ)؛[٦][٧] أي أنَّ أيام التشريق تبعت في التسمية يوم النحر حيث لا تُصلى صلاة العيد فيه إلّا بعد شروق الشمس،[٨] كما أنّها سُمّيت أيام التشريح؛ لأنّ التشريق هو نفسه التشريح،[٩] وذهب أبو حنيفة إلى قول لم يذهب له غيره، وهو أنَّ المقصود بالتشريق: التكبير.[١٠]
أسماء أيام التشريق
يُطلق على كل يوم من أيام التشريق اسم خاصّ به؛ فيطلق على يوم العيد العِدَا، وثاني أيام العيد القِرَا؛ لأنّ الناس يَقِرُّونَ فِيهِ ويبقون، وثالث أيام العيد الصَّرمِ؛ لأنّ الناس ينصرمون فيه، ويُطلق عليه أيضاً يوم النَّفر،[١١] وتُعرف أيّام التشريق عند الإمام مالك بأيام مِنى،[٩] وبيان اسماء أيّام العيد فيما يأتي:[١٢]
- يوم الحج الأكبر: اليوم الأوّل من أيام العيد، ويُعرف بيوم الأضحى.
- يوم القرِّ: اليوم الثاني من أيام العيد، والأوّل من أيّام التشريق، وقد سُميَّ بذلك لأنَّ الناس تستقر فيه بمنطقة مِنى لا يخرجون منها؛ لعدم جواز نفر الحاجّ في اليوم الأوّل، ولأنَّ الحاج يكون متعباً من الأعمال التي قام بها في الثلاثة أيام التي تسبق يوم القرِّ وهي: يوم التروية، ويوم عرفة، ويوم النحر؛ فيقرّ بمنى، وقد عُرِف بهذا الاسم عند أهل الحجاز.[١٣]
- يوم النفرة الأولى: اليوم الثالث من أيّام العيد، والثاني من أيام التشريق، وقد سُميَّ بذلك لأنَّه يجوز لمن أراد أن يتعجَّل في يومين، أن يُغادر رمي الجمار، ولا يترتب عليه إثم.
- يوم النَّفرة الثانية: اليوم الرابع من أيام العيد، والثالث من أيام التشريق.[١٢]
أعمال أيام التشريق
تقتصر أعمال الحاجّ في أيام التشريق على عمليين إثنين؛ وهما المبيت بمنى، ورمي الجمرات الثلاث،[١٤]وبيان ذلك فيما يأتي:[١٥]
- المبيت بمنى: يجب على الحاجّ المبيت بمنى، ويُسَّن له أن يبقى فيها نهاراً، ويعتبر المبيت ليلة الحادي عشر، والثاني عشر واجباً من واجبات الحج، إلّا على السقاة والرعاة فإنه لا يجب عليهم، فعلى الحاج أن يرجع بعد طواف الإفاضة، والسعي -لمن كان عليه سعي- إلى منى.[١٦]
- رمي الجمرات: يرمي الحاجّ في كل يوم من أيام التشريق ثلاث رميات، ويُسَّن له عند رمي الجمرة الصغرى، والوسطى، أن يتوجّه للكعبة ويدعو الله -تعالى-، أمّا عند رمي الجمرة الكبرى فلم يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه دعى بعدها،[١٧] ويكون الرمي بعد زوال الشمس، ولا يجوز الرمي قبل الزوال، وهو واجب من واجبات الحجّ، يقوم به الحاج في اليوم الأول، واليوم الثاني من أيام التشريق، ويجب ترتيب رمي الجمرات على النحو الآتي:[١٦]
- الجمرة الأولى: يبدأ الحاجّ برمي الجمرة الأولى بسبع حصيّات متتاليات، وتقع هذه الجمرة بعد مسجد الخيف، وهي أبعد الجمرات عن مكّة المكرّمة، ويتقدّم الحاج ليقف في مكان قريب من الجمرات حتى يتمكّن من إيقاع الحصى في الحوض، ولا يؤذي الناس، ويرفع يده عند رمي كلّ حصاة، ويُكبِّر، ويرميها في نفس الحوض؛ لأنّها إذا لم تقع في الحوض لا تُجزِئ.
- الجمرة الوسطى: يرمي الحاجّ الجمرة الوسطى بسبع حصيّات متتاليات، ويرفع يده، ويُكبِّر، ويدعو الله -تعالى- بعد رميها مستقبلاً القبلة.
- جمرة العقبة: يرمي الحاجّ جمرة العقبة بسبع حصيّات متتاليات، ويُكبِّر، ولا يُسَّن له أن يدعو الله -تعالى- بعد رميها.
المراجع
- ↑ محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 3، جزء 16. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى التشريق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية ، صفحة 445، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 35، جزء 66. بتصرّف.
- ↑ عطية سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 3، جزء 155. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1962، صحيح.
- ↑ ابن الأنباري (1992)، الزاهر في معاني كلمات الناس (الطبعة الأولى)، بيروت: الرسالة، صفحة 421، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الشنقيطي (1995)، كوثر المعاني الدَّرَارِي في كشف خفايا صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت: الرسالة، صفحة 262-263، جزء 10. بتصرّف.
- ^ أ ب مكي بن أبي طالب (2008)، الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه (الطبعة الأولى)، الشارقة: مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة، صفحة 672، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ جمال الدين القاسمي، محاسن التأويل (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 81، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ يحيى الشجري (2001)، ترتيب الأمالي الخميسية للشجري (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 90، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد حطيبه، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 12، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ أبو عبيد القاسم بن سلام (1984)، غريب الحديث (الطبعة الأولى)، القاهرة: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، صفحة 419، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 32، جزء 66. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 10، جزء 26. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد القحطاني (2010)، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 579. بتصرّف.
- ↑ علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 16، جزء 34. بتصرّف.