محتويات
الحرص على مواسم الخير
يحرص المُسلم على استغلال مواسم الخير؛ فيُكثر فيها من الأعمال الصالحة؛ فهي أوقات سريعة الانقضاء،[١] وقد ذكر الشيخ محمد الشنقيطي بعض النصائح التي يُمكن للإنسان الاستعانة بها في استغلال هذه المواسم، وبيانها فيما يأتي:[٢]
- استقبالها بالتوبة والإكثار من الاستغفار؛ لأنّ الذنوب سببٌ للبُعد عن الله -تعالى- وعن التوبة وعن الجنّة، قال -تعالى-: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ).[٣]
- الشُعور بقصر العُمر والأجل؛ فالموت لا يُفرّق بين صغيرٍ وكبير؛ وهي من الأُمور التي تُعين على الطاعة واستغلال مواسم الخير.
- الإكثار من الدُعاء؛ فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ يومه بدُعاء الله -تعالى- بتوفيقه للطاعة والعبادة، ومما قد يدعو الإنسان به: "اللهم إني أسألك التوفيق في الخير، يا رب لا تجعلني بذنبي شقياً ولا محروماً"، وغيرها من الأدعية التي تُعين العبد على الطاعة، ويعترف فيها بتقصيره وضعفه.
- الاقتداء بالنبيّ محمّد -عليه الصلاة والسلام- والسؤال عن هديه في مواسم الخير، قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)؛[٤] فيبدأها الإنسان بالإستغفار، والقيام بأعمال الخير سواءً كانت قولاً أو فعلاً، والقيام بأعمال القلوب؛ كحُبّ الله -تعالى- والخُشوع والخُضوع له، ومن أفضل الأعمال ما كان بين المُسلم وربه، فقد جاء عن ابن تيمية قوله: إنّ أعمال القلب أفضل من أعمال الجوارح؛ لما فيها من إخلاص، واستشعار القلب لها.
فضل يوم عرفة
يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة،[٥] وهو من أياّم العشر التي هي أفضل أيام السنة، وهو بالمرتبة الثانية بعد يوم النحر، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ)،[٦] كما أنّه يُعدّ اليوم قبل الأخير من أيّام العشر الفاضلة؛ فيستغلّه المُسلم بالتقرُّب إلى خالقه بالطاعة والعبادة.[٧]
فضائل يوم عرفة خاصة
ليوم العرفة العديد من الفضائل التي اختصّه الله -تعالى- بها، وهي كما يأتي:
- اليوم الذي أتمّ الله -تعالى- فيه الدّين وأكمل النعمة؛ لقول عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للرجل غير المسلم الذي أخبره عن آية في القُرآن؛ أنّها لو نزلت على قومه لأتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، فقال عمر -رضي الله عنه-: (وَأَيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}، فَقالَ عُمَرُ: إنِّي لأَعْلَمُ اليومَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكانَ الذي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بعَرَفَاتٍ في يَومِ جُمُعَةٍ).[٨][٩]
- اليوم الذي يكفّر صيامه سنتين من الذُنوب؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما سُئل عن صيام يوم عرفة: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[١٠] وتكفير السنة القادمة مع عدم وقوع الذنوب فيها بعد؛ معناه توفيق الله -تعالى- للعبد بإبعاده عن الذُنوب، وإن حصل الذنب وفّقه الله -تعالى- لأعمالٍ تُكفّره.[١١]
- اليوم الذي يسنّ فيه الإكثار من الدُعاء، وإظهار الحاجة لله -تعالى-؛ فمن آداب الدُعاء كما جاء عن الإمام الغزاليّ: اختيار الأزمنة الشريفة كيوم عرفة، ومما جاء في فضل دُعاء يوم عرفة حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ)،[١٢] وهو عامّ لجميع الناس، سواءً أكان حاجّاً أو غير حاجّ.[١٣]
- اليوم الذي يؤدّي فيه الحاجّ ركن الحجّ الأعظم وهو الوقوف بعرفة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الحجُّ عرفةُ).[١٤][١٥]
- اليوم الذي يعتق الله -تعالى- عباده من النار، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ)؛[١٦] فيغفر الله -تعالى- فيه لجميع المُسلمين؛ مما يزيد من غضب إبليس.[١٧]
- اليوم الذي يُباهي الله -تعالى- بعباده الملائكة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٦][١٨]
فضائل يوم عرفة المندرجة في فضل عشر ذي الحجة
ليوم عرفة العديد من الفضائل التي تندرج تحت فضائل العشر من ذي الحجة، بيانها آتياً:[١٩]
- أقسم الله -تعالى- بها بقوله: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)؛[٢٠] مما يُلفت انتباه الإنسان إلى فضل المقسوم به، وجاءت كلمة الليالي بصيغة النكرة؛ للزيّادة في تعظيمها.
- أفضل أيّام الدُنيّا، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشْرِ).[٢١]
- العمل فيها كالجهاد في سبيل الله -تعالى-، قال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ : ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ)،[٢٢]فالعمل فيها أفضل من جهاد النفس والمال، وأفضل من الجهاد بهما والعودة بهما أو بأحدهما، ولم يحدّد النبي -عليه الصلاة والسلام- عملاً مُعيّناً، إنّما عمّم بكل ما يُسمى عملاً صالحاً.
المراجع
- ↑ الموقع بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد (2009)، القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب)، صفحة 288، جزء 13. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي، صفحة 21، جزء 54. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية: 6.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ↑ شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي (1993)، شرح الزركشي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار العبيكان، صفحة 640، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن قرط، الصفحة أو الرقم: 1765، صحيح.
- ↑ محمد صالح المنجد، 55 فائدة في يوم عرفة، الخبر -السعودية: مجموعة زاد، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 3017، صحيح.
- ↑ محمد سعد عبد الدايم، فضائل يوم عرفة، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي ، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
- ↑ محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، سبل السلام (الطبعة بدون طبعة)، القاهرة: دار الحديث ، صفحة 581، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
- ↑ محمد بن علان الصديقي، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، القاهرة: جمعية النشر والتأليف الأزهرية، صفحة 244، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ رواه النووي، في المجموع، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 8/95، صحيح.
- ↑ شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني (2007)، كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 178-179، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
- ↑ خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، مصر: طيبة للنشر والتوزيع، صفحة 48-49. بتصرّف.
- ↑ موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، عمان: دار الشروق، صفحة 408، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، مصر: طيبة للنشر والتوزيع، صفحة 4-6. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية: 1-2.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1133، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 2438، صحيح.