خلق الإنسان
تتعدد مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى في الكون لتشمل مظاهر الوجود جميعها، والآيات التي دعت إلى النظر والتفكُّر في عظيم قدرة الله في الكون عديدة، منها قوله تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية: 17ـ 20] ومن مظاهر عظمة الخالق خلق الإنسان والمراحل التي مرَّ بها الجنين، وتعدُّ هذه آية في الإعجاز، فقد قال تعالى: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:21] وبما أنَّ موضوعنا عن خلق الجنين فقد مرَّ خلقه بمراحل ذكرها سبحانه في كتابه العزيز، قبل أن يتحدث عنها العلماء، فالقرآن سابق للعلم في كل الميادين، بل إنّ القرآن ميدان واسع فسيح لشتى العلوم، وفي هذا المقال سنذكر هذه المراحل حسب ورودها في القرآن.
مراحل نمو الجنين
أخبر القرآن الكريم عن المراحل التي مرَّ فيها خلق الجنين أو نموه، وذلك في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12-14] وقد أخبر عن أصل خلق الإنسان من علق في سورة العلق عندما قال :(خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق:2]، وحسب ما ورد في هذه الآيات الكريمة فقد مر نمو الجنين بمراحل، هي:
- النطفة: وتطلق النطفة على نطفة الذكر، ونطفة الأنثى، ونطفة الأمشاج المكوّنة للجنين، والممزوجة من ماء الرجل وماء المرأة.
- العلقة: حيث يتعلَّق فيها الجنين بالمشيمة، ويأخذ شكله المستطيل بعد أن كان مستديراّ.
- المضغة: وفيها يتحول الجنين من مرحلة العلقة إلى مرحلة المضغة، حيث تكون عبارة عن خلايا متلاصقة، تشبه في شكلها الخارجي قطعة اللحم الممضوغة.
- تكوُّن العظام: وفيها يظهر شكل الهيكل العظمي للإنسان.
- إكساءُ العظمَ باللحمِ: حيث تبدأ الصورة الآدميَّة بالاعتدال عندما ترتبط أجزاء الجسم ببعضها بشكلٍ متناسق، ويبدأ فيها الجنين بالتحرك، وتكون في نهاية الأسبوع السابع وتستمر حتّى نهاية الأسبوع الثامن، ويعبِّر عن ذلك سبحانه في قوله: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14]
- الإنشاء والخلق: وفيها يتمُّ تصوير ملامح الجنين، وتهيئته لنفخ الروح، وتكون بين الأسبوعين التاسع والثاني عشر، حيث تتوازن فيها أحجام الرأس والجسم والأطراف، وفي الأسبوع الثاني عشر يتحدد جنس الجنين، فتظهر أعضاؤه التناسليَّة.
- الحياة خارج الرحم: حيث تبدأ في الأسبوع الثاني والعشرين وتنتهي في الأسبوع السادس والعشرين، ويؤهل فيها الجهاز التناسلي للقيام بوظائفه.