الرشوة
حينما يغيب الضّمير والوازع الدّيني تنتشر في المجتمعات ظواهر وسلوكيّات غير أخلاقيّة كثيرة منها الرّشوة، فالرّشوة هي شكل من أشكال الفساد المالي، وفساد الذّمم التي تعاني منها المجتمعات المختلفة ومنها المجتمعات العربيّة والإسلاميّة حيث تشهد أروقة المحاكم سنوياً آلاف القضايا المرفوعة من قبل أشخاص تضرّروا بفعل هذا السّلوك المجرّم شرعاً وأخلاقاً، فكيف نظر الإسلام إلى الرّشوة؟، وما هو مفهومها في الإسلام؟، وما هي آثارها السيئة في المجتمع؟
تعريف الرّشوة
تعرّف الرّشوة في الإسلام بأنّها دفع المال من قبل شخص إلى آخر لإحقاق باطل، أو إبطال حقّ مستحقّ لإنسان، وهي كذلك بأنّها وسيلة لكسب وتحصيل ما لا يحلّ للإنسان وما لا يستحقه، أو لحمل الحاكم أو القاضي أو المسؤول على ما يريده مقدّم المال، ولا يشترط في الرّشوة أن تكون مادّية فقط، فربما تكون أمراً عينياً أو معنوياً كمن يعدّ شخصاً مسؤولاً أن يقدّم له أرضاً أو يعده بالتّرقية في وظيفته دون وجه حقّ.
حكم الرشوة
لا شكّ أنّ الرّشوة وفق التّعريف الذي أسلفنا ذكره هي محرّمة تحريماً قاطعاً، وهي أمر محرّم في الشّريعة الإسلاميّة ويتوجب تعزير صاحبها، وقد جاءت أدلّة تحريم الرّشوة في القرآن الكريم والسّنّة النّبوية المطهّرة فمن القرآن قوله تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 188]، وفي الحديث الشّريف قوله عليه الصّلاة والسّلام: (لعنةُ اللَّهِ علَى الرَّاشي والمُرتشي) [صحيح].
الرّاشي هو من يدفع المال مقابل ما يريد تحقيقه، والمرتشي من يأخذ هذا العوض المحرّم، والرائش هو من يسعى بينهما ويسهل عمليّة الرّشوة، ولا شكّ أنّ اللعن في الحديث الشّريف يستجوب الطّرد من رحمة الله تعالى ما لم يتب الإنسان منها ويستغفر الله بعد أن يردّ الحقوق إلى أصحابها، فمن استعان على منع حقّ أخيه أو إيقاع الضّرر عليه بالرّشوة استجوب أن يتوب عن ذلك، وأن يكفّر عن خطيئته بردّ حقّ أخيه وطلب السّماح منه.
آثار الرّشوة في المجتمع
- تؤدّي إلى فساد الذّمم وسهولة شرائها، فالرّشوة إذا انتشرت في المجتمع أدّت إلى شيوع الفساد المالي فيه فلا يتورّع النّاس عن دفع الأموال من أجل تحقيق مصالح لا تنبغي لهم، أو لا يكون لهم فيها حقّ مشروع، ممّا يحدث التّناجش، والتّدابر، والشّحناء في المجتمع الإسلامي.
- تنشر الظّلم وتمنع العدالة والمساواة بين النّاس، فالرّشوة تؤدّي إلى زيادة المظالم في المجتمع حيث تمنع النّاس من الوصول إلى حقوقهم، كما تؤدّي إلى إعطاء الحقوق إلى من لا يستحق من النّاس.