القرآن الكريم
أنزل الله سبحانه وتعالى مُعجزة القرآن الكريم على نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام فكان كتابًا شاملًا جامعًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو كتابٌ يشتمل على القصص والعبر والآيات والأحكام التي تصلح لكلّ زمانٍ ومكان، وقد استمع الصّحابة إلى آيات القرآن الكريم من فم النّبي عليه الصّلاة والسّلام تتنزّل غضّة طريّة فلم يكونوا يجاوزون قراءة عشر آياتٍ منها حتّى يتعلّموا ما فيها من علمٍ وعمل، فالأصل في المسلم أن يكون القرآن دستوره في الحياة وصراطه المستقيم ومرجعه الأمين، وأن يحرص على تدبّر آياته فضلًا عن قراءتها لتحصيل ثمار التدبّر وآثاره الطيّبة في نفس المسلم وعقيدته.
معنى التّدبّر
يختلف تدبّر آيات القرآن الكريم وسوره عن القراءة العاديّة، فالتّدبّر يكون فيه تأمّل وإعمال للعقل البشري وتفكّر في معاني الآيات القرآنيّة وكنوزها وما اشتملت عليه من عبرٍ وآيات ودروس ولطائف، والتّدبر يكون مع القراءة ويرافقها، ولا شكّ بأنّ قراءة القرآن مع تدبّر وتفكّر أفضل عند الله تعالى وأعظم أجرًا من القراءة التي لا تكون بتدبّر، وقد ورد لفظ التّدبّر في القرآن الكريم في قوله تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُها)، وفي قوله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا).
ثمار وفوائد تدبّر القرآن الكريم
لا شكّ بأنّ لتدبّر القرآن الكريم فوائد وثمار نذكر منها ما يلي:
- التّدبّر هو طريق لإدراك ما تشتمل عليه الآيات القرآنيّة من كنوز؛ فالله سبحانه وتعالى استودع هذه الكتاب العظيم كثيرًا من الأحكام والشّرائع التي تهمّ المسلم في حياته وتعاملاته، كما أنّ فيه الكثير من القصص والمواعظ التي تُعلّم المسلم وتبصّره في حياته وتعطيه الدّروس، وفيها كذلك الأمثال التي ضربها الله سبحانه وتعالى للعبرة والموعظة، وكذلك في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تذكر الغيب والإيمان به كعلم السّاعة وبعض أشراطها، وإنّ هذه الأمور كلّها لا تُدرك إلا بالتدبّر والتفكّر في آيات القرآن الكريم.
- التّدبر يرقّق القلوب ويزيدها خشيةً لله تعالى؛ ففي الحديث الشريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام قوله (شيّبتني هود وأخواتها)؛ فكثيرٌ من آيات القرآن الكريم وسوره يكون من ثمار التّدبّر فيها زيادة الخشية والتّقوى والورع لما تشتمله من عباراتٍ ووعيد وعذاب، وفي المقابل تزيد الإيمان والاطمئنان بما فيها من آيات تُرغّب في الجنّة فتتوقّد النّفوس، وتشمّر السّواعد للطّاعة والعبادة والعلم.