ركّز الإسلام في تشريعاته و أحكامه و توجيهاته على العلاقات بين النّاس بعضهم البعض ضمن الأسرة و المجتمع ككل ، فالأب الصّالح هو الأب الذي يرعى شؤون أسرته بكلّ مسؤوليةٍ و اقتدارٍ ، و يحترم زوجته و يعطف على أبنائه و يرحمهم ، و قد ركّز الإسلام على العلاقة بين الزّوجين و عني بها عنايةً خاصّةً ، فخلق أسرةٍ مستندةٍ إلى المحبّة و الإحترام بين أفرادها هي غاية الدّين و مقصده ، و حين أغفلت الأمم السّابقة قضيّة المرأة و كان بعض الحضارات الغربيّة و الوثنيّة قديماً تعامل المرأة كأنّها متاعٌ من متاع الرّجل ، بل كان النّاس في الجاهليّة يحرمونها من الميراث و يحرمونها من الحياة أحياناً فيقتلونها صغيرةً و هي حيّة ، خوفاً من العار و الفضيحة و الفقر بزعمهم ، فجاء الإسلام بشريعةٍ أحيت النّفوس و أعادت للأخلاق و القيم احترامها و مكانتها الصّحيحة و منحت المرأة حقوقها كاملةً غير منقوصةٍ في الحياة و التّعليم و الميراث ، و جرّم التّشريع كلّ من أراد المرأة بسوء ، لتكون المرأة في الإسلام بحق درّةً بين الدّرر .
و قد كان للمسلمين أسوةٌ حسنةٌ في رسول الله صلّى الله عليه و سلّم في تعامله مع زوجاته ، فقد حفظ النّبي الكريم ذكرى زوجته السّيدة الطّاهرة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، حتى أنّه حين كان يذكرها تغضب لذلك السّيدة عائشة رضي الله عنها و تقول له أنّه قد أبدلك الله خير منها ، فيقول صاحب الوفاء و الخلق الكامل العظيم بلسان المحبّ المخلص الصّادق : و الله ما أبدلني الله خيراً منها ، لقد صدّقتني حين كذّبني النّاس و واستني حين ظلمني النّاس ، و قد وصّى النّبي الكريم صلّى الله عليه و سلّم رجال أمّته بالنّساء قائلاً استوصوا بالنّساء خيراً ، و شبّههن بالأسيرات نظراً لكثرة مكوثهن بالبيوت ، و في حديثٍ آخر إنّهن شقائق الرّجال لهنّ ما على الرجال من حقوق و عليهن واجبات ، و تدلّ إحدى القصص المرويّة عن رسول الله على حسن تعامله ورقّة عواطفه مع نسائه حيث كان يوصي من يسوق بنسائه قائلاً رفقاً سوقك بالقوارير فشبههنّ بالقوارير رحمةً بهنّ لرقّة مشاعرهنّ و حين بكت زوجته صفيّة حين برك جملها نزل ليسمح دمعتها بكلّ رحمةٍ و حنانٍ .