محتويات
قصيدة ذكرى الهجرة النبوية
يقول الشاعر عبد الرحيم محمود:
يوم مجد فات ما أجمل ذكره
- فيه لو نفطن آيات وعبرة
فيه أن الحق إن حصنه
- قادر لم يستطع ذو البطل هدره
فيه أن الفعل أجدى للفتى
- مم كلام ما عهدنا قط أمره
فيه أن المال والأهل إذا
- لم يجودا ضحيا من أجل فكرة
فيه إن هم الفتى فليقتحم
- لا يخف ضحضاح ما ينوي وغمرة
شرعة علمناها المصطفى
- ليتنا نمشي على شرعه إثره
فليحل السيف ما عقده
- غادر بيتاَ للأوطان غدره
ليس مثل البطش في الدنيا فكن
- باطشاً يرهب أهل الأرض شره
ضيع المضعوف لا ظفر له
- ونجا المضعوف لو طول ظفره
ودموع الذل ما رق لها
- قلب ظلم إن قلب الظلم صخرة
قوة المرء له حجته
- وهي إن يظلم تقف في الناس عذره
"وأعدوا" لم يقلها ربكم
- عبثاً فلتحسنوا في "الذكر" نظرة
لم تكن هجرة طه فرة
- إنما كانت على التحقيق كره
كانقباض الليث ينوي وثبة
- وانقباض الليث في الوثبة سورة
ورمى في السوح أبطالاً لهم
- فوق سوح الموت تمراح وخطرة
وانجلى العثير عن هاماتهم
- كللت بالغار من مجد وفخرة
نصروا الله فلم يخذلهمُ
- بل جزاهم ربهم فوزاً ونصرة
فمشوا في الناس نوراً وهدى
- وبدوا فوق جبين الدهر غرة
ركزوا أرماحهم فوق العلا
- وحدى الحادي بهم عزا وشهرة
وأتينا نحن من بعدهم
- وأضعنا ما جنوا طيشاً وغرة
يثغر السور علينا ونرى
- ثم نرتقي بالأفعال ثغرة
ونرى الماكر في أمجادنا
- ثم لا نفسد للشقوة مكره
ونرى حد حمانا ناقصاً
- كل يوم شطرة من بعد شطرة
ولنا في كل يوم قالة
- فأرونا فعلة في العمر مرة
لا يصون الحد إلا حدة
- ويذيب القيد إلا نار ثورة
ومذاق الموت أحلى في الوغى
- من حياة ضنكة في القيد مرة
ونفوس الخلق أعلاها التي
- إن تعش عاشت وماتت وهي حرة
لا تقولوا ما لنا من قدرة
- إن تريدوا ينخلق عزم وقدرة
إن فيكم لبقايا طيبات
- لم يزل في الدم مجراها وخيره
فانهجوا نهجا قويما واعملوا
- واعملوا لا تبخسوا "مثقال ذرة"
ما أضر الشعب كاليأس فإن
- يئس الشعب يكون اليأس قبره
هكذا نقضي ولم تبدر لنا
- غضبة في حقنا أية بدرة
ولنا ثأر على الناس وما
- نام من يطلب أن يدرك ثأره
هاجر الهادي إلى رجعى فإن
- نحن هاجرنا فماذا بعد هجرة؟
قد خرجنا أمس من أندلس
- ودخلنا بعد في نيران حسرة
وإذا نحن خرجنا في غد هل
- يحن الناس للأقصى بزورة؟
لا يخاف الناس إلا ظالما
- فاظلموا كونوا ذوي بأس وجسرة
ليس يحمي الحق إلا فتكة
- ويعيد فينا غير قسرة
قصيدة الرسول عليه الصلاة و السلام وأبو بكر في غار ثور
يقول عبدالله العشماوي:
هجرةٌ يا رياحُ هبِّي رُخاءً
- واهتفي يا بحار للملاَّح
أيها الغار ، غار ثورٍ ، تلاقى
- عندك المجد وانبثاق الصَّباح
ثاني اثنين، يا خيول قريش
- هل سيجدي فيكن كبح الجماح
ثاني اثنين، و العدو قريب
- وحفيف الأشجار صوت نواح
ثاني اثنين، والإله مجيب
- وحمى مصطفاه غير مباح
ثاني اثنين، أيها الغار بُشرى
- صرت رمزا على طريق الفلاح
رجع المشركون عنك حيارى
- لم يروا غير ظلمة الأشباح
ردَّهم "أوهن البيوت" فعادو
- في وجوم وحسرة والتياح
خسر القوم كل شيء وأمسى
- سيد الخلق وافر الأرباح
قصيدة قومي الذين هم آووا نبيهم
يقول حسان ين ثابت -رضي الله عنه-:
قَومي الَّذينَ هُمُ آوَوا نَبِيَّهُمُ
- وَصَدَّقوهُ وَأَهلُ الأَرضِ كُفّارُ
إِلّا خَصائِصَ أَقوامٍ هُمُ سَلَفٌ
- لِلصالِحينَ مَعَ الأَنصارِ أَنصارُ
مُستَبشِرينَ بِقَسمِ اللَهِ قَولُهُمُ
- لَمّا أَتاهُم كَريمُ الأَصلِ مُختارُ
أَهلاً وَسَهلاً فَفي أَمنٍ وَفي سِعَةٍ
- نِعمَ النَبيُّ وَنِعمَ القَسمُ وَالجارُ
فَأَنزَلوهُ بِدارٍ لا يَخافُ بِها
- مَن كانَ جارَهُمُ داراً هِيَ الدارُ
وَقاسَموهُ بِها الأَموالَ إِذ قَدِموا
- مُجاهِدينَ وَقَسمُ الجاحِدُ النارُ
سِرنا وَساروا إِلى بَدرٍ لِحَينِهِمُ
- لَو يَعلَمونَ يَقينَ العِلمَ ما ساروا
دَلّاهُمُ بِغُرورٍ ثُمَّ أَسلَمَهُم
- إِنَّ الخَبيثَ لِمَن والاهُ غَرّارُ
وَقالَ إِنّي لَكُم جارٌ فَأَورَدَهُم
- شَرَّ المَوارِدِ فيهِ الخِزيُ وَالعارُ
ثُمَّ اِلتَقَينا فَوَلَّوا عَن سَراتِهِمُ
- مِن مُنجِدينَ وَمِنهُم فِرقَةٌ غاروا
قصيدة يا رائد العلم يمم دارة العلم
يقول محمود سامي البارودي في قصيدته:
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم
- سيرُوا إِلى طَيبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
وَظَلَّ في مَكَّةَ المُختارُ مُنتَظِراً
- إِذناً مِنَ اللَهِ في سَيرٍ وَمُعتَزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم
- تَقبَل نَصيحاً وَلَم تَرجع إِلى فَهَمِ
فَاِستَجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها
- تَبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ
وَلَو دَرَت أَنَّها فِيما تُحاوِلُهُ
- مَخذولَةٌ لَم تَسُم في مَرتَعٍ وَخِمِ
أَولى لَها ثُمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها
- ما أَضمَرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ
- باعُوا النُّهى بِالعَمى وَالسَّمعَ بِالصَّمَمِ
يَعصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ
- وَيَعكُفُونَ عَلى الطاغُوتِ وَالصَّنَمِ
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبغتُوهُ إِذا
- جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ
- مِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
فَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ
- بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
فَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ
- يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
نادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ
- لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتلُوُ وَهوَ مُنصَرِفٌ
- يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
فَلَم يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم
- وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ
- فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
فَما اِستَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ
- مِنَ الحَمائِمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
بَنى بِهِ عُشَّهُ وَاِحتَلَّهُ سَكناً
- يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرّيحِ وَالرّهَمِ
إِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما
- إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغارِ مُكتَتَمِ
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ
- يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً
- بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ
- في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت
- رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ
- مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِيءٍ سربٍ
- مِن أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً
- بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت
- بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَمِ
كَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ
- بِأَرضِ سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ
- فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
فَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ سابُورَقَمَرٌ
- يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً
- كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَمسِ في الغُسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرجاف وَاِحتَرقَت
- أَكبادُ قَومٍ بِنارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى
- مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ