محتويات
فَضْل يوم الجمعة
من عظمة الله -سبحانه وتعالى- أن خلق الخَلْق وفضّل بعضهم على بعض، كما أنّه فضّل بعض الأمور على بعض؛ ففضّل الأنبياء والرّسل -عليهم السّلام- على باقي النّاس، وفضّل من الأنبياء أولي العزم، وفضّل من أولي العزم نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّ الله -تعالى- فضّل من بين الشّهور شهر رمضان، واختصّ من بين الأيام يوم الجمعة؛ ففي يوم الجمعة ساعة تفتح فيها أبواب السّماء، فيستجيب الله -سبحانه وتعالى- لدعاء العباد، وفي يوم الجمعة خُلق آدم عليه الصّلاة والسّلام، وأُدخل الجنة وأُخرج منها في يوم الجمعة أيضاً، كما أنّ الله -تعالى- اختصّ يو الجمعة بالذّكر والثّناء؛ فقال في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).[١][٢]
كيفيّة أداء صلاة الجمعة
صلاة الجمعة ركعتان تؤديان خلف الإمام جماعةً يوم الجمعة في وقت صلاة الظُّهْر؛ أي بعد الزوال؛ وذلك عندما يصبح ظلّ كلّ شيء مثله، ويسبق صلاة الجمعة خطبتان، ويُسنّ فيهما الدّعاء للمسلمين بما فيه صلاحهم في الحياة الدنيا وفي الدّين، والدّعاء لولاة الأمور بالصّلاح والتوفيق، ويجهر الإمام بقراءة القرآن الكريم في ركعتي صلاة الجمعة، ويقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة سورة الجمعة، أو سورة الأعلى؛ اقتداءً بسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويقرأ في الركعة الثّانية سورة المنافقون أو سورة الغاشية، ويتبع المأموم الإمام في أفعاله إلى نهاية الصّلاة كباقي الصّلوات التي تؤدّى جماعةً.[٣]
حُكْم صلاة الجمعة ومشروعيّتها
صلاة الجمعة فرضُ عينٍ على كلّ مسّلم انطبقت عليه شروط فرضيتها، والدليل على فرضيتها ثبت في القرآن الكريم والسنّة النبويّة والإجماع، أمّا الدليل من القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٤] وأمّا دليل السنّة النبويّة؛ قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثمّ أحرق على رجال يتخلفوا عن الجمعة بيوتهم)،[٥] والإجماع انعقد على فرضيّة صلاة الجمعة ووجوبها وجوباً عينياً.[٦]
شروط صلاة الجمعة
يُشترط لصحّة صلاة الجمعة ما يُشترط لغيرها من الصلوات؛مثل: الطّهارة ودخول الوقت وغيرها من الشروط، ولكنّ الفقهاء ذكروا شروطاً خاصّة بصلاة الجمعة زائدة على شروط الصلوات الأخرى، وقد اتّفق الفقهاء على عدد منها؛ وهي: الإسلام، والعقل، والبلوغ والذكورة، غير أنّهم اختلفوا في الشروط الأخرى، وفيما يأتي بيان أهمّ الشروط المختلف فيها:[٧]
- الإقامة؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط الإقامة على من تجب عليه صلاة الجمعة، وأنّ صلاة الجمعة لا تجب على المسافر في غير معصية، وخالفهم في ذلك المذهب الظاهريّ.
- العدد الذي تنعقد به الجمعة؛ ذهب فقهاء المذهب الحنفيّ إلى أنّ الجمعة تنعقد بثلاثة أشخاص سوى الإمام، وذهب فقهاء المذهب المالكيّ إلى أنّ الجمعة تنعقد بثلاثين رجلاً، ولا يُشترط حضورهم لكلّ جمعة، وفي قول آخر عندهم أنّ العدد اثنا عشر رجلاً، وذهب فقهاء المذهب الشافعيّ إلى أنّها تنعقد بأربعين رجلاً، وذهب الإمام ابن حزم الظاهريّ إلى أنّها تنعقد باثنين، وشأنها في ذلك شأن صلاة الجماعة، وذهب الإمام ابن حجر والإمام السيوطيّ إلى أنّه لا بدّ من جَمْع لصلاة الجمعة دون التقيّد بعددٍ معيّن.
- المصر الجامع أو ما يُعرف بالمدن؛ فيرى فقهاء الحنفيّة اشتراط أداء صلاة الجمعة في المدن دون القرى، أمّا جمهور الفقهاء فقد ذهبوا إلى صحة أداء صلاة الجمعة في القرى.
- الخلوّ من الأعذار؛ مثل: المرض، والخوف على النّفس أو على المال أو على الأهل، والمطر وما يلحق به كالبرد والوحل؛ فكلّ عذرٍ من هذه الأعذار يكون مانعاً للشخص عن أداء صلاة الجمعة.
- حضور السلطان أو نائبه لأداء صلاة الجمعة؛ وهذا شرط اشترطه فقهاء الحنفيّة؛ حيث إنّه لا تجوز إقامة صلاة الجمعة عندهم دون حضور السلطان أو نائبه، بينما ذهب جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة إلى عدم اشتراط حضور السلطان أو نائبه.
- سماع النداء؛ فقد اتّفق الفقهاء على أنّ صلاة الجمعة واجبة على كلّ من كان داخل البلدة أو المدينة وسمع النداء للصلاة، ولكنّهم اختلفوا في تحديد المسافة التي يأتي منها المصلّي من خارج المدينة إلى الجمعة؛ فذهب فقهاء الحنفيّة إلى أنّ صلاة الجمعة لا تجب على من كان خارج المدينة سواءً أكان قريباً أم بعيداً حتى لو سمع النداء، أمّا فقهاء المالكيّة فذهبوا إلى تحديد المسافة بثلاثة أميال ابتداءً من أطراف المدينة، أمّا فقهاء الشّافعيّة فحدّدوها بأن يقف المؤذن في طرف البلد وتكون الرِّيح ساكنة والأصوات هادئة، فإذا سمع الشخص النّداء لزمه حضور الجمعة، وإن لم يسمع النّداء لم يلزمه حضور الجمعة، أمّا فقهاء الحنابلة فذهبوا إلى تحديد المسافة بفرسخ.
- اشتراط المسجد؛ اختلف الفقهاء في اشتراط المسجد لصلاة الجمعة؛ فذهب فقهاء المالكيّة إلى اشتراط المسجد في إقامة صلاة الجمعة، بينما ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم اشتراط المسجد.
- تقدّم الخطبة على الصّلاة؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّ من شروط صحة صلاة الجمعة أن يتقدّمها خطبتان، بينما ذهب فقهاء الحنفيّة إلى اشتراط خطبة واحدة قبل صلاة الجمعة.
المراجع
- ↑ سورة الجمعة، آية: 9.
- ↑ الشيخ محمد صالح المنجد (2-5-2001)، "فضل يوم الجمعة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2018. بتصرّف.
- ↑ "صلاة الجمعة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية: 9.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 652، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 341-342، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حسام فهيد بن سعيد (2015)، أحكام صلاة الجمعة في الفقه الاسلامي، فلسطين: جامعة النجاح، صفحة 32-47. بتصرّف.