لقد أنزل الله عز وجل الإسلام عن طريق الوحي إلى نبينا محمدٍ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فكان الرسول عليه السلام أحسن الناس خلقاً وخُلقاً فجعله الله عز وجل قدوةً للبشرية جمعاء والنموذج الكامل للإنسان المسلم فهو منزه عن الخطأ ومؤيد بالوحي، فبما أنّه عليه السلام هو القدوة لنا جميعاً جاء ما يعرف بالسنّة وهي عادات الرسول صلى الله عليه وسلم.
السنة حسب تعريف أهل العلم هي ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلال حياته كلها، وتعد السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام وقد أوصى القرآن الكريم وهو المصدر الأول للتشريع في الديانة الإٍسلامية الحنيفة على ضرورة اتباع السنة النيبوية المشرفة فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: " قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ".
في هذه الآية القرآنية دليل واضح على ضرورة اتباع السنة النبوية المشرفة وفيها ردٌّ على من القرآنيين وهم اللذين يثيرون الجدالات حول اتباع القرآن فقط على أنّه منزلٌ من عند ربّ العزة وعدم وجوب اتباع السنة النبوية الشريفة فهم لا يعتقدون بها ويعتبرون معظم ما ورد في السنة النبوية مغلوطاً ومنسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تم تحريف باقي الديانات من قبل، أمّا الدليل الثاني فهو أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد فسّر العديد من المسائل الخلافية والمسائل والواجبات الواردة في القرآن الكريم والتي لو لم ترد في السنة النبوية المشرفة لوجد المسلمون فيها اختلافاً كبيراً ولقام كل مسلم بها بالطريقة التي تهواها نفسه، فعلى سبيل المثل أمر الله عز وجل بالصلاة في القرآن الكريم إلّا أنّه لم يذكر كيفيتها ولكن استدل الصحابة الكرام والمسلمون من بعدهم على طريقة أدائها عن طريق أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وأدائه لها وعن طريق توجيهه للصحابة الكرام، وكذلك في الحج والعمرة والأخلاق الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلمون أجمعون والتي تحلى بها الصحابة الكرام من قبلنا واستطاعوا من خلالها بناء الحضارة الإسلامية فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق".
لا تخلو السنة النبوية من الأحاديث المكذوية والمنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهي ليست محفوظة كالقرآن الكريم، إلّا أنّ العديد من العلماء قامو بوضع الطرق والسبل للتبين من الأحاديث المكذوبة وتصنيف الأحاديث بحسب دقتها فوضعت العديد من الكتب في علم الحديث إلّا أن الكتب الستة هي أدقها فقد تحرّى العلماء اللذين جمعوا الأحاديث في هذه الكتب الدقة إلى أبعد الحدود وعلى رأس هذه الكتب صحيحا البخاري ومسلم واللذان يعتبران القمة في كتب الحديث فلا نجد من يشكك في الأحاديث الواردة بهما بسبب القواعد الدقيقة التي وضعها هذان العالمان في تصنيف الأحاديث وانتقائعا ثم يأتي من بعدها سنن النسائي والترمذي وأبي داوود وابن ماجه جزاهم الله عنّا وعن الأمة الإسلامية كل خير.