يعود البشر جميعًَا في نسبهم إلى نفسٍ واحدة هي نفس آدم عليه السّلام، فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يخلق بشرًا من طينٍ فسوّاه ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسّجود له تعظيمًا لخلقه وتكريماً، وقد سجد الملائكة كلّهم إلاّ إبليس عليه لعنة الله، وقد خلق الله سبحانه من جسد آدم عليه السّلام نفسًا سُمّيت بحواء ليسكن إليها وتطمئن روحه، وقد كان الخلق من ضلعٍ أعوج من أضلاع جسد آدم عليه السّلام كما ذكر في الحديث الصّحيح عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
كانت حوّاء زوجة آدم ورفيقته في الجنّة حتّى حصل ما حصل من فتنة الشّيطان وإغوائه لآدم وحواء حينما أكلا من الشّجرة التي نهيا عنها، فأنزلهما الله تعالى إلى الأرض من بعد أن تاب عليهما، فما هو سبب تسمية حواء بهذا الاسم؟
معنى كلمة حوّاء في اللغة
اختلف العلماء والمؤرّخون في سبب تسمية حوّاء بهذا الاسم لعدم وجود حديث صحّ عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام في ذلك، فمن العلماء من بحث في معنى كلمة حوّاء اللّغوي، وأنّها مشتقة من الحوّة وهي سمرة الشّفاه، فيقال حوّاء ويقال عن الرّجل أحوى، وتطلق كذلك على اللّون الأحمر المائل إلى السّواد والسّمرة، لذلك يقول أصحاب هذا الرّأي إنّ حوّاء سميّت بذلك لأنّها أدمة البشرة أي سمراء.
سبب تسمية حوّاء بهذا الاسم
روى الإمام النّووي في شرح صحيح الإمام مسلم روايةً عن ابن عباس رضي الله عنه أنّ حوّاء سمّيت بهذا الاسم لأنّها أمّ كلّ حيّ، فجميع البشر قد أتوا من ذرّية من حملت به حوّاء، وقد ولدت لآدم عليه السّلام كما يروى أربعين مولودًا في عشرين بطنًا، فقد شاء الله تعالى أن تحمل حوّاء في كلّ بطنٍ زوجين من الذّكر والأنثى، وكان من عادة آدم عليه السّلام أن يُزوّج ذكر كلّ بطنٍ من أنثى بطن آخر حرصًا على التّغريب ما أمكن.
روى الإمام القرطبي في تفسيره سبباً آخر لتسمية حوّاء بهذا الاسم؛ حيث أورد روايةً تقول إنّه بينما كان آدم عليه السّلام جالسًا وحده خلق الله من ضلعه زوجه حوّاء من دون أن يشعر، ولمّا انتبه إليها سألته الملائكة عنها فقال هذه امرأة، وسألته عن اسمها فقال هي حواء، فقيل له لم ذلك، فقال إنّها امرأة لأنها خلقت من المرء، وهي حوّاء لأنّها خلقت من حيّ، وقد حصل هذا الحوار بين الملائكة وآدم عليه السّلام في سبيل تجربة علمه، والله تعالى أعلم.