الحيض وبعض أحكامه في الإسلام
عرّف الفقهاء الحيض بأنّه الدم النازل من رحم المرأة عند بلوغها، وإذا نزل عند بلوغها اعتادها، فالمرأة إذا وصلت سنّ البلوغ صار ينزل منها دم الحيض كلّ شهر غالباً، ويكون ذلك في أوقات معلومة، كما يستمر نزوله مدة معينة تتراوح بين الستة أو السبعة أيام، وقد يظلّ مدة أطول أو أقصر من ذلك بحسب عادة المرأة، ويكون دم الحيض ذا لون أسود ورائحة كريهة، كما يصاحبه غالباً شعور المرأة ببعض الآلام، خصوصاً في أوّل نزوله، فما كانت هذه صفته من الدم النازل من المرأة اعتُبر دم حيض، أمّا ما لم يكن على هذه الصفات فلا يعدّ حيضاً، وكلُّ دمٍ ينزل من المرأة غير دم الحيض يُعدّ استحاضة في اصطلاح الفقهاء، أي سيلاناً للدم في غير الأوقات المعتادة له، وهو لا يوجب شيئاً من الأحكام الشرعية على المرأة، كترك الصلاة أو الصيام أو الوطئ، بل يجب عليها أن تؤدي صلاتها وما يجب عليها من صيام، كما يجوز لزوجها أن يطئها أيضاً، لأن حال المستحاضة كحال الطاهرة فيما يجب عليها ويجوز لها.[١]
وللحيض أحكام خاصة، تزيد وتربو على العشرين، فمنها ما يتعلّق بالصلاة؛ حيث يحرم على المرأة الحائض أداء الصلاة، فلا يجوز لها أن تصلي لا فرضاً ولا نفلاً، ولا يصحّ منها ذلك لو فعلته، ومن تلك الأحكام ما يتعلق بالصيام؛ حيث يحرم على الحائض الصيام أيضاً، فلا يجوز لها أن تصوم فرضاً ولا نفلاً، ولا يصحّ منها كذلك، إلّا أنّ الواجب عليها قضاء ما تركت صيامه من أيام الفرض، كما أن صيامها يبطل إن حاضت أثناءه، وفيما يتعلق بطواف الحائض فهو أيضاً مما يحرم عليها، فلا يجوز لها فعله لا فرضاً ولا نفلاً، ولا يصحّ منها كذلك، أما السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وباقي مناسك الحج والعمرة فلا حرج عليها في فعلها، ويسقط طواف الوداع عن الحائض إذا استمرّ بها الحيض إلى خروجها، أمّا طواف الحجّ والعمرة فلا يسقط، بل تطوفه عندما تطهر، وممّا يحرم على المرأة في حال الحيض أيضاً الجِماع، فلا يجوز لزوجها أن يجامعها أثناءه، ولا يجوز لها أن تمكّنه من ذلك.[٢]
علامات الطهر من الحيض
للطهر من الحيض علامتان رئيسيتان تعرف المرأة طهرها منه بهما، الأولى هي علامة القَصّة البيضاء، وهي ماءٌ أبيض أو شيءٌ كالخيط الأبيض يُعرَف انقطاع الحيض به عندما ينزل، والثانية علامة الجفوف، وضابط هذه العلامة أن تدخل المرأة قطنةً بيضاء في موضع الحيض فتجدها بيضاء نقيّة كما هي عندما تُخرجها، وليس عليها شيءٌ من الدم، أو الصفرة، أو الكدرة، ويظهر من هذه العلامات أنّ على المرأة التأكد من طهرها بهاتين الكيفيتين، ولا يجوز لها أن تكتفي بالنظر في ثيابها، بل لا بدّ لها أن تتحقق من خلوّ الفرج من الدم والصفرة والكدرة، وإن شكت في ذلك فلها أن تبني على الأصل، وهو بقاء الحيض، وإذا كانت المرأة ممّن تُعرف طهارتها بعلامة الجفوف فلها أن تنتظر بعد رؤية الطهر اليوم ونصف اليوم، لأنّ عادة الدم أنّه يسيل وينقطع، وهذا ما رجّحه بعض العلماء ومنهم ابن قدامة رحمه الله.[٣]
كيفية الاغتسال من الحيض
يُراد بالاغتسال تعميم الماء على بدن الإنسان، وهو واجبٌ على الحائض إذا طهرت من حيضها[٢]، وله ركنان اثنان؛ أوّلهما النيّة، وثانيهما تعميم الماء على البدن جميعاً، ممّا يدلّ على أنّ الصورة المبسّطة المجزئة للاغتسال هي صبّ الماء على رأس الإنسان، ثمّ تعميمه على سائر بدنه مع اشتراط النية، فلا يدخل فيه المضمضة والاستنشاق والدلك ونحوه، أمّا صفته الكاملة فهي كما يأتي:[٤]
- استحضار نية الغسل.
- غسل اليدين قبل إدخالهما في الماء، خصوصاً لمن كان مستيقظاً من النوم، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ غُسله بغسل يديه.
- غسل الفرج لإزالة ما عليه من أذى.
- تنظيف اليد وغسلها مجدداً بعد غسل الفرج.
- المباشرة بالوضوء، وهو الوضوء المعتاد للصلاة، ويمكن غسل الرجلين أثناء الوضوء أو تأجيل ذلك إلى حين الانتهاء من الغسل، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله للصورتين.
- غسل الرأس، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة اغتساله فقالت (ثم يأخذُ الماءَ، فيُدخِلُ أصابَعَه في أصولِ الشَّعرِ، حتى إذا رأى أَنْ قد استبرأَ، حَفَنَ على رأسِه ثلاثَ حَفَنَاتٍ)[٥].
- تعميم الماء على ما تبقى من البدن، ويُستَحبّ في ذلك البدء بالشقّ الأيمن من الجسد، ثم الانتقال إلى الشقّ الأيسر.
- تتبّع أثر الدم بقطعة من القطن أو نحوه، وإضافة شيءٍ من المسك أو الطيب، وذلك ممّا يُستحبّ للمرأة فعله عند الاغتسال من الحيض.
المراجع
- ↑ "الحيض...تعريفه وماهيته..والفرق بينه وبين الاستحاضة"، www.fatwa.islamweb.net، 2002-8-9، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
- ^ أ ب "أحكام الحيض"، www.islamqa.info، 2006-9-30، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
- ↑ "كيفية التحقق من الطهر من الحيض"، www.islamweb.net، 2014-1-16، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
- ↑ أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة (2014-1-5)، "الغسل من المحيض"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 316، صحيح.