الزواج
يعرف الزواج بأنّه العلاقة الشرعية التي تربط بين رجلٍ وامرأةٍ، وذلك من خلال عقدٍ له شروطه وأركانه، والزواج سنّة الأنبياء والمرسلين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً)،[١] وفي الزواج تلبيةٌ للغريزة الجنسية عند الطرفين، الرجل والمرأة، بطريقةٍ نظيفةٍ، تُرضي الله تعالى، وتحفظ المجتمع المسلم، وقد عظّم الله -تعالى- شأن الزواج، فسمّى العقد الذي يقوم عليه بالميثاق الغليظ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)؛[٢] وذلك لما له من أهميةٍ، وما فيه من حرمةٍ ورعايةٍ.[٣]
شروط الزواج
إنّ لذلك العقد الغليظ شروطٌ، لا يصح العقد إلّا بتحققها وتوافرها جميعاً، وفيما يأتي بيان تلك الشروط:[٤][٥]
- تعيين وتحديد كلّ من الزوجين، فلا يصح لولي المرأة أن يقول: زوجتك ابنتي، وله بناتٌ غيرها، أو قوله: زوجتها ابنك، وله أبناءٌ غيره، بل لا بدّ من تمييز وتعيين كلّ من الزوج والزوجة، سواءً أكان ذلك بالإشارة، أو ذكر الاسم صريحاً.
- تحقق الرضا عند كلا الزوجين، فلا يصح إكراه أحد الطرفين على قبول الآخر، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا تُنكحُ الأيِّمُ حتى تُستأمرَ، و لا تُنكحُ البكرُ حتى تُستأذنَ، قيل: و كيف إذْنُها؟ قال: أنْ تسكتَ).[٦]
- وجود ولي المرأة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ)،[٧] وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ، وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ، فإنْ تشاجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له)،[٨] فإنّ تزويج المرأة لنفسها باطلٌ؛ لأنّ المرأة ربما تكون محدودة النظر في اختيار الأفضل والأصلح لها، ولأنّ فتح باب زواج المرأة دون وجود وليها، قد يكون ذريعةٌ إلى الزنا،[٤] وأحقّ الأولياء بتزويج المرأة هو أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، فالأخ الشقيق، فالأخ لأب، ثم الأقرب فالأقرب.
- الإشهاد على عقد الزواج، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ، وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ، فإنْ تشاجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له)،[٨] فلا يتم النكاح ولا يصح إلّا بوجود شاهديين عدليين.
- خلو كلّ من الزوجين من موانع الزواج، من مثل وجود نسبٍ، أو سببٌ يمنع؛ كالرضاعة، أو المصاهرة، أو أن يكون أحدهما محرماً للآخر، أو اختلاف دين كليهما؛ كأن يكون الزوج مسلماً والزوجة وثنيةٌ، أو تكون الزوجة مسلمةٌ وهو غير مسلمٍ، ويستثنى من الاختلاف في الدين، زواج المسلم بالكتابية العفيفة، فقد أباح الإسلام ذلك.
مشروعية الزواج
يُعدّ الزواج من أقوى الروابط والعقود المشروعة في الشريعة الإسلامية، ولقوّته تلك، فقد حظي باهتمامٍ بالغٍ، حيث ذكرت دلالة مشروعية الزواج في الكتاب والسنة والإجماع، وفيما يأتي بيان ذلك:[٩]
- مشروعية الزواج في القرآن الكريم:
- قال الله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ).[١٠]
- ذكر القرآن الكريم أنّ الزواج من سنن المرسلين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً).[١]
- قال الله تعالى بعد أن ذكر النساء اللاتي يحرّم الزواج منهنّ: (أُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).[١١]
- مشروعية الزواج في السنة النبوية:
- حث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ورغّب بالزواج، حيث قال: (يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ، فإنَّه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ، فإنّه له وِجاءٌ).[١٢]
- قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (النِّكَاحُ من سُنَّتِي، فمَنْ لمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَليسَ مِنِّي، و تَزَوَّجُوا؛ فإني مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ، و مَنْ كان ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ).[١٣]
- ورد في السنة كذلك، حديث الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، يسألون عن عبادته، فلمّا عرفوا بها؛ كأنّهم تقالّوها، حتى قال أحدهم: (وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً)، فكان رد النبي صلّى الله عليه وسلّم: (أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني).[١٤]
- أجمعت الأمة الإسلامية على مشروعية الزواج.
أهمية الزواج
الزواج هو سنّة الله في خلقه، فالرجل بحاجةٍ إلى المرأة، والمرأة كذلك محتاجةٌ إلى الرجل، فهو ضرورةٌ لكليهما، وتكمن أيضاً أهمية الزواج في أمورٍ كثيرةٍ، وفيما يأتي بيان بعضها:[١٥]
- إعفاف النفس عن الحرام، والاستمتاع بالحلال، واحتساب الأجر عند الله -تعالى- في ذلك، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ، فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرجِ، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم فإنه له وِجاءٌ).[١٢]
- تحقيق السكينة والأُنس، وإيجاد الاستقرار النفسي لكلا الزوجين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[١٦]
- الحفاظ على النسل، وإنجاب الذرية، وبالتالي تكوين أسرةٍ مسلمةٍ، تسهم في عمارة الأرض وإصلاحها، كما أمر الله تعالى.
- إعانة كلّ من الزوجين على مواجهة الحياة وصعوباتها، وذلك من خلال تشاركهما مع بعضهما البعض، وتعاونهما على ذلك.
- تشكيل مصدر قوةٍ ودعمٍ لكلا الطرفين، والقضاء على كلّ مشاعر الوحدة والقلق والخوف، وفيه كذلك باب رزقٍ وغنى من الله تعالى.
المراجع
- ^ أ ب سورة الرعد، آية: 38.
- ↑ سورة النساء، آية: 21.
- ↑ بكر أبو زيد، "الزواج تاج الفضيلة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "أحكام الزواج"، ar.islamway.net، 20-6-2014، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "خمسة شروط لصحة النكاح"، www.islamweb.net، 26-1-2004، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7470، صحيح.
- ↑ سورة النور، آية: 32.
- ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4075، صحيح.
- ↑ الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي (9-1-2012)، "مشروعية الزواج وفوائده"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 3.
- ↑ سورة النساء، آية: 24.
- ^ أ ب رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالرحمن بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 6/53، إسناده صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2383، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5063، صحيح.
- ↑ ياسر بن محمد الفهيد، "الزواج..الأهداف والفوائد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الروم، آية: 21.