كيفية الحج والعمرة

كتابة - آخر تحديث: ١٢:٥١ ، ٤ مارس ٢٠١٨
كيفية الحج والعمرة

الحجّ والعُمرة

شرع الله -تعالى- العبادات على عباده المسلمين، وجُعلت العبادة هي الغاية من خَلْق الله -تعالى- لمخلوقاته من الإنّس والجنِّ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١] وقد تنوّعت أشكال العبادات وتعدّدت أقسامها وِفْق اعتباراتٍ مختلفةٍ، فمن حيث الوجوب والعدم؛ فالعبادات منها ما هي مفروضة على كلّ مسّلم، ومنها ما هي مندوبة أو مستحبّة، ومن حيث طبيعة العبادة فإنّها تتعدّد؛ فمنها: الصّلاة والصّيام والحجّ والعمرة والصّدقات والذّكر والدُّعاء وتلاوة القرآن، وقد عدّ الله -تعالى- بعض هذه العبادات من أركان الإسلام التي بُني عليها، وقد جاء في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمّداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[٢] ومن بين العبادات التي شرعها الله تعالى: الحجّ والعُمرة، وقد ورد ذكرهما وبيان أحكامهما وتفصيل كيفياتهما في نصوصٍ شرعيّةٍ عديدةٍ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، وقد جمع الله -تعالى- بينهما في الذّكر؛ حيث قال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ)،[٣] وقال أيضاً: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ)،[٤] وفي هذه المقالة سيتم بيان كيفيّة عبادتي الحجّ والعمرة، وبيان أحكام كلّ منهما.


كيفيّة الحجّ والعُمرة

الحجّ

إنّ الحجّ هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفيما يأتي بيان بعض الأمور المتعلّقة بالحجّ:

  • تعريف الحجّ: الحجُّ في اللغة راجع إلى الجذر اللغوي حَجَجَ، ومعناه: القصد، فيُقال: حَجَجّت فلاناً؛ أي قصدتُه، ورجل محجوج؛ أي مقصود،[٥] أمّا الحجّ في الاصطلاح الشّرعي: هو قصد بيت الله الحرام والمشاعر المُقدّسة، في وقتٍ مخصوصٍ؛ لأداء أعمالٍ مخصوصةٍ؛ وهي عند جمهور الفقهاء: الوقوف بعرفة، والطّواف بالكعبة المشرّفة، والسّعي بين الصّفا والمروة.[٦]
  • حُكْم الحجّ: الحجّ فرض على كلّ مسلم مُكلّف قادر على أداء الحجّ ومُستطيع إليه سبيلاً، وقد جاءت الكثير من النّصوص الشّرعيّة المؤكّدة على ذلك، حيث قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[٧] والإجماع منعقد على أنّ الحجّ فرض، وهو من المعلوم من الدّين بالضّرورة، فيكفر من أنكره أو جحده.[٦]
  • كيفيّة الحجّ: إذا أراد المسلم أداء فريضة الحجّ، فإنّ عليه القيام بالخطوات الآتية:[٨]
    • يُحرِم المسّلم للحجّ، ويغتسل إن أمكنه ذلك، ويلبس ثياب الإحرام، ويردّد التّلبية بقول: (لبّيك حجّاً، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك).
    • يخرج الحُجّاج إلى مِنى في اليوم الثّامن من ذي الحِجّة، ويصلّون فيها الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بلا جمعٍ، ويصلّون كذلك صلاة فجر اليوم التّاسع من ذي الحجّة؛ وهو يوم عرفة.
    • يتوجّه الحُجّاج إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التّاسع من ذي الحِجّة، فيصلّون فيها الظُّهر والعصر قصراً وجمع تقديم؛ أي في وقت صلاة الظُّهر، ويقفون بعرفة وينشغلون بالذّكر والدُّعاء والتضرّع إلى الله تعالى، وعند مغيب الشّمس يتّجه الحُجّاج إلى مزدلفة، ويصلّوا فيها المغرب والعشاء، ويبيتوا فيها ليليتهم، ثمّ يصلّوا فجر اليوم العاشر من ذي الحِجّة في مزدلفة، وإن كان من الحجّاج من هو ضعيف ولا يقوى على المزاحمة فله مغادرة مزدلفة إلى مِنى في آخر الليل وعدم انتظار الفجر.
    • ينطلق الحُجّاج إلى مِنى مع طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحِجّة، فيرمون جمرة العقبة، وذلك بإلقاء سبع حصياتٍ واحدةً تلو الأخرى، ويكبّرون الله -تعالى- عند كلِّ رميةٍ، ثمّ يذبح الحُجّاج الهَدْي، وذبحه واجب في حقّ من حجّ متمتّعاً أو قارناً، ويقومون بعدها بحلق رؤوسهم أو بتقصير شَعْر رأسهم، ويكون بذلك تحلّلهم الأوّل من الإحرام، الذي يُبيح لهم ما كان محظوراً عليهم سوى مباشرة النِّساء.
    • يتّجه الحُجّاج بعد ذلك إلى الطّواف بالكعبة طواف الإفاضة، والسّعي بين الصّفا والمروة، ليكونوا بعد ذلك قد تحلّلوا التّحلّل الثّاني الذي يُبيح لهم كلّ ما كان محظوراً عليهم بلا استثناء.
    • يعود الحُجّاج بعد ذلك إلى مِنى، فيبيتون فيها ليلتا الحادي عشر والثّاني عشر من ذي الحِجّة، ويقومون في كلّ يومٍ من هذين اليومين برمي ثلاث جمرات، وفي كلِّ جمرةٍ يرمون بسبعِ حصياتٍ، ليكون الحُجَّاج بعدها بالخيار بين البقاء حتّى اليوم الثالث عشر من ذي الحِجّة وتكرار رمي الجمرات الثّلاثة كما كان في اليومين السّابقين، أو التّعجّل والعودة، وذلك كما في قول الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).[٩]
    • يطوف الحُجّاج بالكعبة المشرّفة طواف الوداع إذا أرادوا العودة إلى ديارهم، وبذلك يختم الحُجّاج مناسك الحجّ ويتمّونها.


العُمرة

يتعلّق بالعُمرة عدّة أمور يجب بيانها، وفيما يأتي بعض تلك الأمور وبيانها:

  • تعريف العُمرة: العُمرة في اللغة؛ مأخوذة من الجذر اللغوي عَمَرَ، وهو راجع إلى أصلين؛ الأوّل: امتداد في الزّمان وبقاؤه، ومنه عُمْر الحيّ أي حياته، والأصل الثّاني راجع إلى عُلوّ الشّيء، ومنه العُمرة، فيُقال: اعتمر الرّجل؛ إذا شرع بأداء العُمرة؛ لأنّه يرفع صوته بالتّلبية،[١٠] ويُرجع ابن منظور في معجمه أصل العُمرة إلى الزّيارة، والجمع من العُمرة العُمَر،[١١] وأمّا العُمرة في اصطلاح جمهور الفقهاء: هي الطّواف ببيت الله الحرام، والسّعي بين الصفا والمروة، مع سبق الإحرام بها.[١٢]
  • حُكْم العُمرة: اختلف الفقهاء في حُكْم العُمرة، فذهب المالكيّة وأكثر الحنفيّة إلى القول بأنّها سنّة مؤكّدة، في حين اعتبرها الشّافعيّة والحنابلة فرضاً على المسّلم المُكلّف مرّة واحدة في العُمُر، واستدلّوا على القول بأنّها واجبة بقول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)[١٣] فالأمر بفعل الحجّ والعُمرة تامّين، فدلّ على أنّ كليهما فرض وِفق رأي الشّافعيّة والحنابلة.[١٢]
  • كيفيّة العُمْرة: إذا أراد المسّلم أداء العُمرة، فإنّ عليه القيام بالخطوات الآتية:[٨]
    • يسنُّ للمسّلم الاغتسال قبل الإحرام إن أمكنه ذلك، ويرتدي الرّجل ملابس الإحرام، ثمّ يَشّرع بالتّلبية بقول: (لبّيك عمرة، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك).
    • يطوف المُعتمر بالكعّبة المُشرّفة سبعة أشواطٍ، ويبدأ كلّ شوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، فإذا فرغ منها صلّى خلف مقام إبراهيم عليه السّلام، أو بالقرب منه إن كان ذلك ممكناً وإن تعسّر فعبيداً عنه.
    • يتّجه المُعتمر بعدها إلى الصّفا والمروة، فيسعى بينهما سبعة أشواط، ويبدأ بالصّفا وينتهي بالمروة.
    • يتحلّل المُعتمر من إحرامه، فيَحْلق الرّجل شَعْر رأسه أو يقصِّره، والحَلْق أولى، بينما تأخذ المرأة قدراً يسيراً من شعرها.


المراجع

  1. سورة الذاريات، آية: 56.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8.
  3. سورة البقرة، آية: من الآية 196.
  4. سورة البقرة، آية: 158.
  5. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 226، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، بيروت: دار السلاسل، صفحة 23-24، جزء 17. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 97.
  8. ^ أ ب محمد الصالح العثيمين، "كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-2-2018. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية: 203.
  10. ابن فارس (1979)، مقاييس اللغة، دمشق: دار الفكر، صفحة 140-141، جزء 4. بتصرّف.
  11. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 604، جزء 4. بتصرّف.
  12. ^ أ ب مجموعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصّفوة، صفحة 314-316، جزء 30. بتصرّف.
  13. سورة البقرة، آية: 196.
1,471 مشاهدة