الدعوة إلى الله تعالى
إنّ من الواجب على كلّ مسلمٍ أن يقوم بمهمّة الدعوة إلى الله تعالى، إن توافرت لديه معرفةٌ بأحكام الشريعة الإسلاميّة، فيذكّر أفراد الأمّة بأمور الدين، ويرشدهم في أمور الدنيا، والداعية لا بدّ أن يكون صاحب عقيدةٍ سليمةٍ سويّةٍ، وأن يُخلص نيّته في الدعوة، فيكون مبتغياً لرضا الله تعالى، ونيل الدرجات العليا في الدار الآخرة، فالدعوة قد تصل إلى مراتب الجهاد في سبيل الله إن أخلص الداعية نيّته، حيث قال الله تعالى: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)،[١] وعلى الداعية قبل سلوك طريق الدعوة أن يكون معتدل الهيئة؛ فلا يكون مغالٍ في لباسه، ويجب على الداعية أن يكون متواضعاً في مشيته وتعامله مع الناس، وأن يكون همّه إصلاح الناس والمجتمعات، وسيرهم على طريق الحقّ والاستقامة، وألّا يكون في أسلوب دعوته لهم إكراهٌ أو إفراطٌ أو تفريطٌ، وعلى الداعية أن يحفظ قلبه من شهوة السُمعة والرياء وحبّ الظهور، غير منتظرٍ لكلمات الشكر والحمد والثناء والإطراء من الناس، مجتنباً حصول الفتنة والفساد بين الناس، فالفتنة من الأعمال غير المقبولة عند الله، ولا يُثاب عليها العبد بشيءٍ.[٢]
كيفيّة الدعوة إلى الإسلام
إنّ الدعوة إلى دين الإسلام هو الأساس الذي يضمن للرسالة بقاءها واستقرارها واستمرارها، وذلك ما يقوم به الدُعاة، فالدعوة لا تثبت ولا تمتدّ إلّا بالدعوة القائمة على الأساس القويّ الصحيح، وذلك ما نصّ عليه القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة؛ فالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان قدوةً في الدعوة، فالدعوة قائمةٌ على الموعظة الحسنة والكلمة الليّنة، بياناً للسلام والرحمة التي تحثّ عليه رسالة الإسلام، حيث قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،[٣] والخطاب الموجّه للرسول؛ هو في الحقيقة خطابٌ لجميع الأمّة الإسلاميّة، إلّا إن ورد دليلٌ يخصّص الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- فقط، وعلى الداعية أن يكون وسطيّاً في دعوته متبصّراً، سالكاً الأساليب التي تُكسب القلوب، وذلك الطريق الذي سار عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام، حيث قال الله تعالى لموسى وهارون عليهما السّلام: (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)،[٤] فالآية السابقة تدلّ على أنّ دعوة الناس يجب أن تكون بتأنٍّ ورويّةٍ، وعقلانيّة وهدوءٍ، ولينٍ ورفقٍ، دون غلظةٍ أو فظاظةٍ في الأقوال والأفعال؛ وذلك جنياً لثمار الدعوة المتمثّلة بتذكّر الناس، وتقوية إيمانهم، وزيادة خشيتهم من الله تعالى، وفيما يأتي بيان بعض الأساليب والطرق التي تمكّن الداعية من الدعوة إلى الله تعالى بسهولةٍ ويُسرٍ:[٥]
- الكلام بلطفٍ ولينٍ؛ وذلك باختيار الكلمات والجُمل الرقيقة واللطيفة، حيث قال الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)،[٦] وذلك له أثرٌ كبيرٌ في نفوس المدعوّين، وهو أيسر طريقاً للوصول إلى الثمار المرجوّة من الدعوة، وفيه إظهارٌ للحقّ والصواب بشكلٍ أكبرٍ.
- دعوة الناس في الوقت المناسب لها، حيث إنّ لذلك أثراً كبيراً في بعض الأحيان للوصول إلى حلّ المشاكل والخلافات، وفي ذلك أيضاً هدايةٌ للقلوب والعقول.
- مراعاة السياسة الشرعيّة في الدعوة إلى الله تعالى، مع مراعاة مصالح أفراد الأمّة، وموازنة المصالح والمفاسد المترتّبة على كلّ خطوةٍ يُقدم إليها الداعية.
- الحذر من الغلظة، ومن استخدام الوسائل والكلمات الجافّة مع المدعوين، والابتعاد عن سبّ وشتم الناس، أو إيذائهم وتحقيرهم والاستهزاء بهم، حيث إنّ اللجوء إلى مثل تلك الأفعال لا يُوصل العبد إلى النتائج المرجوّة من الدعوة والإرشاد.
- الحرص على التطبيق العملي للأساليب التي انتهجها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك ما سار عليه الصحابة رضي الله عنهم.
- العمل على تطوير أساليب وطرق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والسعي والحرص على الوصول إلى كلّ مكانٍ في العالم؛ من أجل نشر الدعوة.
- تحلّي الداعية بالصبر والعلم والحكمة، حيث إنّ الدعوة وظيفة الرسل عليهم السّلام، كما أنّها ليست عامّةً لأيّ أحدٍ، إلّا ضمن شروطٍ محدّدةٍ تجعل الداعية مُقتدياً بصفات الرسل.
- مراعاة أحوال الناس، ومخاطبتهم على قدر عقولهم وتفكيرهم، وذلك بالكلمة الواضحة التي لا إشكال فيها، وذكر الدليل والبرهان الواضح الذي يُزيل أيّ فهمٍ خاطئٍ.
أهميّة الدعوة إلى الإسلام
يترتّب على الدعوة إلى الله تعالى العديد من الفضائل، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[٧]
- إنّ الدعوة من الأمور التي توّلاها الله تعالى بنفسه، حيث قال تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).[٨]
- إنّ الدعوة في الحقيقة تعدّ وظيفة الأنبياء والمرسلين عليهم السّلام، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ ).[٩]
- إنّ الدعاة يُعدّوا من أتباع النبيّ محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فالله تعالى أمره بتليغ رسالة الإسلام إلى الناس، فأدّى المهمة على أتمّ وجهٍ، وتحمّل في سبيلها مختلف أنواع الأذى والظلم والاضطهاد، وورث الدعاة عنه مهمّة الدعوة، حيث قال الله تعالى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)،[١٠] والبصيرة الواردة في الآية السابقة تشمل العلم قبل الدعوة، واللين والرفق أثناءها، والصبر والتحمّل بعدها.
- إنّ الأمّة الإسلاميّة نالت الخيريّة وتميّزت عن باقي الأمم، وذلك بفضل تحمّلها لمهمّة الدعوة والتبليغ، حيث قال الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).[١١]
المراجع
- ↑ سورة الفرقان، آية: 52.
- ↑ "الدعوة إلى الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 125.
- ↑ سورة طه، آية: 43-44.
- ↑ "الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبيان شيء من طرقها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 83.
- ↑ "أهمية الدعوة ومكانتها في الإسلام والثبات عليها في أزمنة الفتن والتضييق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 25.
- ↑ سورة النحل، آية: 36.
- ↑ سورة يوسف، آية: 108.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 110.