ثمرة الذكر الكثير
إنّ من أكبر ثمرات الذّكر المغفرة والأجر العظيم، قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35] فمنزلة الذّكر كبيرةٌ عظيمة بها يتوصّل الواحد منها إلى معرفة الله سبحانه وتعالى ومحبّته، ويجني الخير الكثير، فهو نورٌ وفلاحٌ للعبد، وإرضاءٌ للرّب، وتحصينٌ للنفس من كل مكروه، وفيه طمانينة وخشوعٌ للقلب، وبه يبتعد المرء عن الغفلة فيظلّ موصولًا بخالقه.
مراتب ذكر الله عزّ وجلّ
الذّكر على مراتب: ما اجتمع به القلب واللسان معًا، وهو أعلى المراتب، لأنّ هذا ما يورث حياة القلب، وزرع حب الله تعالى فيه، ثمّ يتلوها الذّكر بالقلب فقط، ثمّ ذكر اللًسان فقط، وهناك أنواعٌ عديدة للذّكر لا حصر لها، لكنّ أهمّها ما يحصل به التّحصين كأذكار الصّباح والمساء التي هي الدّرع الواقي من أيّ أذى لكلّ مسلم في يومه وليلته، ومعها أيضًا ما هو مخصوص في أوقاتٍ محدّدة وهي أذكار الأحوال؛ كالذّكر عند دخول الخلاء، والذّكر عند السّفر، والذّكر عند العطاس، وغيرها ممّا يدور مع الإنسان في سائر أيامه وأحداثها.
أنواع ذكر الله عزّ وجلّ
من رحمة الله عزّ وجلّ بنا أن جعل لنا وجوهًا متعدّدة نعيش فيها بين أكناف ذكره ورضاه، فلا يوجد أمرٌ من أمور حياتنا إلا وكان الذّكر له بابًا، ومن هذه الوجوه:
- الصّلاة ذكر؛ فالصّلاة في ذاتها ذكرٌ لله تعالى بكل ما فيها من صفات وهيئات.
- قراءة القرآن الكريم ذكر؛ فهو كلام الله عزّ وجلّ، وليس أفضل من أن يتعبّد المرء ويذكر ربّه بقراءة القرآن، وهو أعظم الذّكر لأنه كلام الله جلّ وعلا وليس فيه اجتهادٌ منك.
- ذكر الآخرة في كل الأحوال؛ فهذا يجعل المرء في كل فعلٍ من أفعاله متيقظًا حريصًا على أن تكون أعماله مُرضيةً لله عزّ وجلّ.
- التّفكر في نِعَم الله تعالى ذكر؛ وهناك من النّعم الظاهرة والباطنة ما يستحقّ منا أن نتفكّر في عظمة من منحنا إياها.
- التّسبيح والتّهليل والتّحميد والتّكبير من الذّكر؛ وهنّ الباقيات الصّالحات وغراس الجِنان وأيسر الذّكر، ومنها: سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم كلمتان خفيفتان على اللّسان لكنّهما ثقيلتان في الميزان ويحبّهما الله عزّ وجلّ، والصّلاة على النّبي محمّد صلى الله عليه وسلّم من الذّكر؛ قال تعالى: (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
- كلّ ما يُفضي إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والتّقرب منه يعتبر ذكرًا له؛ فالدّعاء ذكر، والنّصيحة ذكر، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ذكر، وأخذ العلم بقصد معرفة الله تعالى ذكر.