تحديد اتجاه القبلة منذ أن عرف الإنسان الديانات السماوية وهو مهتم أن يعرف كيف يحدد قبلته ولكن ما إن ظهر الإسلام حتى زادت الحاجة وألحت لذلك لماذا ؟ لقول النبي _ صلى الله عليه وسلم_ في الحديث " وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً " وما يعنينا من ذلك معنى " أن جعلت لي الأرض مسجدا " فقد كان فيما مضى يحرم على أهل ديانة سماوية أن يصلوا في العراء ، أو حيث شاءوا ، حتى جاء الإسلام ، ويسر على الناس ذلك فأصبح المسافر إذا غربت عليه الشمس اتخذ مكانا طاهرا ، وتوضأ واستدار للقبلة يصلي ، بينما لم يصح هذا لغيرهم فمن هنا ظهرت الحاجة الماسة ليعرف كل منا كيف يحدد القبلة، ومن رحمة الله بنا أن استقبال القبلة لم يكن بالضرورة تحديدا دقيقا ، ولكن ليكن وجهك في اتجاهها غالبا . ومع ذلك فنحن بحاجة لهذا التحديد ، خاصة لمن اختلط لديه الشرق بالغرب فكيف يصنع ؟ كثيرة هي سبل معرفة اتجاه القبلة ، ولكن ايها أسهل ؟ وأيها أدق ؟ إذا بسطت بين يديك خارطة للعالم ، ونظرت إلى اتجاه القبلة من الولايات المتحدة الأمريكية ، فستجدها في الجنوب الغربي ، ولكن باعتبار كروية الارض فإن اتجاه القبلة يقع على اقصر خط بين القبلة والمكان الذي افترضناه وهو الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالتالي سيكون اتجاه القبلة في الشمال الشرقي . ولكن ما هي أسهل الطرق لتحديد القبلة ؟
هناك طريقتين تعتبران من أسهل الطرق وأدقهما ، وهما :
- الأولى : وهي طريقة سهلة ، ودقيقة ، ومضمونة أيضا، وهي أن ظل الشاخص لحظة الزوال _ الظهر الشرعي _ أي في الساعة 12:18 ظهرا تكون في يومي 29 مايو و16 يوليو بالضبط باتجاه القبلة .
- الثانية : هي بالاعتماد على شكل الشمس والقمر ، إذ لهما مسار خاص ، وحال معرفة موقعيها بإمكاننا حساب درجة انحراف القبلة عن شكليهما، وفي هذه الطريقة ينبغي عليك استخدام البوصلة ، لتنحرف عن الشمال درجة انحراف القبلة عن الشمال ، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يسميه الجغرافيون "الانحراف المغناطيسي " ، إذ أن الشمال والجنوب المغناطيسيين ينحرفان قليلا عن نظيريهما الجغرافيين ، مع العلم أن هذه المهام كلها يتحملها عنك البرنامج الفلكي الإسلامي بكل دقة .
مع الإشارة إلى أن من صلى إلى غير القبلة جهلا منه باتجاهها ، ثم تبين له ذلك ، وجب عليه إعادة الفرائض ، وندب إلى إعادة النوافل ، على خلاف من صلى في الطائرة فإنه مثلا يستقبل القبلة قدر استطاعته ، فإن تغير اتجاه الطائرة فلا عليه أن يغير اتجاه صلاته ، كما قال العلماء استنادا لقوله تعالى " ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله " وهو ذات ما أفتى به العلماء لمن صلى في الفضاء أو على القمر كرواد الفضاء مثلا .
بذلك نصل إلى تحديد القبلة بالسهولة المطلوبة، والدقة المرغوبة ، مع ما في ذلك من مرونة في التطبيق العملي ، والشمول والعموم لكل أرجاء المعمورة .