محتويات
أهميّة الحوار
الحوار لغة من الحور أي الرّجوع إلى الشّيء ومن الشّيء، أمّا معناه كمصطلح فهو يشير إلى تلك الصّور من تبادل الحديث والعبارات بين طرفين أو أكثر من النّاس من أجل الوصول إلى نقطةٍ مشتركة أو فكرةٍ صائبة، ويتّسم بالموضوعيّة والبعد عن التّعصب للرّأي أو الهوى، كما يعتبر الحوار من أرقى أشكال التّواصل الاجتماعي بين النّاس بعضهم البعض.
الحوار في القرآن الكريم
ورد ذكر الحوار كأسلوب محادثة وتواصل في القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المطهّرة، وقد برزت الحاجة إلى الحوار بلا شكّ كون الدّعوة الإسلاميّة ودعوة الأنبياء عموماً قائمة على الحوار بين الأنبياء وأقوامهم، فالنّبي في كلّ زمانٍ ومكان تراه يحاور قومه بدعوتهم إلى دين التّوحيد وعبادة الله وحده، وترك ما هم عليه من الضّلالات والكفر مستخدماً أكثر العبارات تأثيراً في نفوسهم، وشفقةً على حالهم من حلول عذاب الله بهم.
كما ورد الحوار في أكثر من مناسبة في القرآن الكريم ومن ذلك محاورة إبراهيم عليه السّلام للنّمرود حينما أقام عليه الحجّة، ومحاورة إبراهيم عليه السّلام كذلك لربّه حينما طلب أن يريه كيف يحيى الموتى وبين سبب ذلك السّؤال، كما كان الحوار بين الله تعالى وملائكته حينما أراد الله أن يخلق بشراً من طين، وكذلك جاء الحوار بين الرّجل الذي أنعم الله عليه بالجنّتين وصاحبه الذي ذكّره بالله تعالى ووجوب طاعته وشكره على نعمه حتّى تدوم.
أساليب الحوار في القرآن الكريم وسماته
- إنّ الحوار كان قائماً على الحجّة والمنطق وبيان الدّليل الحسي على صدق المحاور.
- استخدام العبارات المؤثّرة الّتي لا تخلو من العاطفة والشّفقة، ومثال على ذلك محاورة الأنبياء لأقوامهم في قوله تعالى: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم ) { الأعراف: 59 }.
- الموضوعيّة والحياديّة التي تبيّن صدق المحاوِر وبعده عن الهوى والتّعصب للرّأي، قال تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) { سبأ: 24 }.
- حسن الإنصات إلى المحاور والاستماع لرأيه، قال تعالى: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) { البقرة: 111 }.
الحوار في السّنّة النّبويّة الشّريفة
كما ورد الحوار في سنّة النّبي عليه الصّلاة والسّلام وسيرته في كثيرٍ من المواقف، ومثال على ذلك قصّة الرّجل الذي أتى النبي الكريم طالباً أن يحل له الزّنا، فحاوره النبّي بأسلوبٍ ذكي مؤثّر حينما قال له، أترضاه لأمّك، أترضاه لأختك، ليضع عليه الصّلاة والسّلام الرّجل في موقف يتمثّل فيه استحلال النّاس لعرضه فيغضب لذلك ويأباه، فلم يملك الرّجل في لحظتها سوى أن يكره الزّنا ويقتنع بحرمته.