ما هي خصائص القرآن الكريم

كتابة - آخر تحديث: ١١:٢٩ ، ١٨ يونيو ٢٠٢٠
ما هي خصائص القرآن الكريم

فضل القرآن الكريم

أنزل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم؛ رحمةً للعالَمين؛ يخرجهم به من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الحقّ والإسلام، واصطفى -سبحانه- محمداً -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ليوحي هذا القرآن إليه، كما اصطفى من الأمم الأمّة الإسلامية؛ لتكون أمّة القرآن، فكان لهم من الخصائص ما ليس لغيرهم، وقد أفرد العلماء مُؤلَّفات خاصّة يتحدّثون فيها عن خصائص القرآن الكريم،[١] وفي ما يأتي تفصيل ذلك:


خصائص القرآن الكريم

خصائص القرآن الكريم المُتعلِّقة بالإيمان به

يؤمن المسلم بأنّ القرآن الكريم مُنزَّل من عند الله -سبحانه وتعالى-، وهو شرط من شروط الإيمان، والذي يتطلّب أن يعتقد المسلم أنّ:[٢]

  • القرآن الكريم جاء لدعوة الإنس والجنّ عامّة إلى توحيد الله -تعالى-، وأنّ شريعته شاملة للجميع، ولا يسعهم إلّا أن يتّبعوا ما أُنزِل فيه؛ قال -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).[٣]
  • القرآن الكريم ناسخ لِما سبقه من الكتب السماويّة، وأنّ على الجميع أن يتّبعوا ما أُنزِل فيه، ولا يعبدوا الله بغيره، ولا يطلبوا الهداية من غيره؛ فالحقّ ما ورد فيه من حلال، وحرام، وغيره؛ قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ).[٤]
  • القرآن الكريم تضمّن الشريعة السَّمحة اليسيرة، والتي أسقط الله بها كثيراً من الأغلال والآصار؛ قال -تعالى-: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ).[٥]
  • القرآن الكريم دستور الله -تعالى-، وشريعته التي أنزل فيها كلّ ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم، ودُنياهم، وآخرتهم؛ قال الله -تعالى-: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).[٦]
  • القرآن مُيسَّر من عند الله -تعالى- لِمَن أراد أن يتّخذه تذكرةً، ولِمَن أراد أن يتدبَّرَه؛ قال -تعالى-: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)؛[٧] فقد يَسَّر الله لقارئ القرآن لَفظ القرآن، ومعانيه، وتلاوته، والاعتبار بما فيه من مواعظ.
  • القرآن يشترك مع غيره من الكُتب التي أُنزِلت على الرُّسل بأصول، وشرائع، وتعاليم واحدة؛ قال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ).[٨]
  • القرآن سابقٌ لغيره؛ بتناوُله قصص وأخبار الأمم السابقة بشكل تفصيليّ؛ قال -تعالى-: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ).[٩] وهو خاتم الكُتب السماويّة، كما أنّه شاهدٌ عليها.
  • القرآن مُعجِزٌ لغيره؛ فلا تستطيع الجن، ولا الإنس أن يأتوا بمِثله؛ إذ أنزل الله -تعالى- في القرآن عدداً من الآيات الكريمة التي تتحدّى الناس أن يأتوا بمِثل القرآن، أو أن يأتوا حتى ببعضٍ منه؛ فقال: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ*فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)،[١٠]ولمّا عجزوا عن ذلك، قال -تعالى-: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)،[١١] فعجزوا عن ذلك أيضاً، فخفَّف عنهم، وتحدّاهم بسورة واحدة، حتى ولو كانت من قِصار السُّوَر؛ قال -تعالى-: (أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل فَأتوا بِسورَةٍ مِثلِهِ وَادعوا مَنِ استَطَعتُم مِن دونِ اللَّـهِ إِن كُنتُم صادِقينَ)؛[١٢] إلّا أنّهم عجزوا عن ذلك أيضاً؛ وهذا دليلٌ على أنّ القرآن مُعجِزٌ بطِوال السُّوَر، وقِصارها على حَدٍّ سواء، ومع وضوح هذه المعجزة وقدرة الأذهان على إدراكها وقراءتها، يتبيّن أنّ الإعجاز من أهم خصائص هذا الكتاب.[١٣]


خصائص القرآن الكريم المُتعلِّقة بفَضله ومكانته

تُعَدّ تلاوة القرآن الكريم، والمداومة على النَّظَر فيه سبباً من أسباب فَهمه، والعمل بما جاء فيه، وقد استحبّ العلماء الإكثار من تلاوته، وذهبوا إلى أنّها سُنّة من سُنَن الإسلام؛ فيقرأ المسلم القَدْر الذي يراه مناسباً من القرآن؛ إذ إنّ قراءة المسلم له هو امتثال منه لأمر الله -تعالى- الوارد في قوله: (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)،[١٤][١٥] وتلاوته عبادة عظيمة، وقربة جليلة يتقرّب بها العبد إلى الله -تعالى-، ويترتّب عليها أجر عظيم، وارتقاء في المراتب في الدُّنيا والآخرة، ومَن اجتهد في ترتيل القرآن، وجوّد به صوته، وأتقن قراءته، فقد انطبق الحديث الوارد عن السيّدة عائشة -رضي الله عنه-: (مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ)،[١٦] كما بيّن ذلك النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى أنّ الله يُوفّي قُرّاءَ كتابه العزيز أجورَهم في الآخرة، وذلك وعد الله -تعالى- في كتابه؛ فقد قال: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).[١٧][١٨]


خصائص القرآن الكريم المُتعلِّقة بحِفظه

اعتنى الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- عناية شديدة بحِفظ القرآن الكريم، وتدوينه؛ فحرصوا على تدوينه في المصاحف، وتجريده عن أيّ شيء ليس منه، وقد نُقِل من جيلٍ إلى جيلٍ بالتواتُر مكتوباً في المصاحف، والقرآن عند أهل السنّة مُتواترٌ قَطعاً وليس آحاداً؛ فهو مُتواتر في أصله، وفي أجزائه، وفي وضعه، وترتيبه، وقد حرص الصحابة على كتابة المُتواتر، وحِفظه؛ لأنّ القرآن مُتضمِّنٌ التحدّي، وهو موطن الأحكام، والشرائع، ومقتضى التعبُّد؛ ولهذا تقتضي أهمّيته أن يكون التواتُر قطعيّاً.[١٩]


وتجدر الإشارة إلى أنّ الوسيلة الأساسيّة في تلقّي القرآن الكريم كانت ولا زالت تلقّيه بالمُشافَهة، وهي واحدة من أهمّ سِمات وخصائص القرآن التي تميّز بها عن الكُتب السماويّة السابقة، وغيرها من الكُتُب، وتعلُّم المسلم القرآن بالمُشافهة، وحِفظه بالتلقّي يعني أنّ له سنداً بالقرآن يتّصل بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ومنه إلى جبريل، عن الله -سبحانه وتعالى-، ونظراً لأنّ القرآن منقول عبر القرون السابقة حتى العصر الحاضر بالتواتُر القاطع، وأنّه مُعجِزٌ بلفظه، ومعناه معاً، فقد اتّفق العلماء على أنّ روايته بالمعنى دون التقيُّد بلَفظه غير جائز، واتّفقوا على حرمة تعمُّد تبديل أيّ حَرف، أو كلمة، أو جملة، أو آية من القرآن، ولا يجوز تبديل لفظ في القرآن بآخر حتى ولو كان عربيّاً يُؤدّي المعنى نفسه، وقد ذهب ابن حزم إلى أنّ قراءة القرآن داخل الصلاة أو خارجها بلغة غير العربية أو بلفظ مُخالف لِما أنزله الله -تعالى- غير جائز، ويكون فاعلها فاسقاً بذلك الفِعل.[٢٠]


كما يَسَّر الله -تعالى- برحمته وقدرته على المسلمين حِفظ القرآن الكريم في الصدور، إلى جانب يُسر تلاوته، علماً أنّ هناك عدد كبير من المسلمين الذين حفظوا القرآن عن ظهر غَيب على مَرّ العصور، حتى من أولئك الذين لا يتكلّمون العربيّة، حتى وإن لم يفهموا منه شيئاً؛ قال -تعالى- في ذلك: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى*إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى*وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى).[٢١][٢٢]


خصائص القرآن الكريم المُتعلِّقة بأسلوبه

تميّز القرآن الكريم بخصائص مُتعلِّقة بأسلوبه البيانيّ واللغويّ، ومن هذه الخصائص ما يأتي:[٢٣]

  • القَصد في اللفظ والوفاء بحقّ المعنى؛ وهي خاصّية انفرد بها القرآن عن غيره من الكُتُب كافّة؛ فهو يُعبّر عن أكبر قَدْر من المعاني في أقلّ عدد من الألفاظ.
  • الخطاب العامّ والخاصّ؛ إذ راعى القرآن اختلاف أفهام الناس وعقولهم؛ فهو يحتوي على الخطاب الذي يفهمه الناس جميعهم، والخطاب الذي لا يفهمه إلّا أهل العلم والاختصاص وذوي العقول.
  • الاقناع العقليّ والإمتاع العاطفيّ؛ إذ يُوفي القرآن بحاجة هذَين العنصرَين في نفس الإنسان، دون أن يكون هناك نقص في أيّ منهما.
  • البيان والإجمال؛ فيُفصّل القرآن القصص والأحداث في بعض مواطنه، ويُوجز في مواطن أخرى، وكلّ ذلك بحكمةٍ وعلمٍ من الله -تعالى-.


المراجع

  1. أ.د. فهد الرومي (2003م)، دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشر)، صفحة 57. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 144-148. بتصرّف.
  3. سورة الفرقان، آية: 1.
  4. سورة آل عمران، آية: 85.
  5. سورة الأعراف، آية: 157.
  6. سورة النحل، آية: 89.
  7. سورة القمر، آية: 17.
  8. سورة المائدة، آية: 48.
  9. سورة هود، آية: 120.
  10. سورة الطور، آية: 33-34.
  11. سورة هود، آية: 13.
  12. سورة يونس، آية: 38.
  13. نور الدين عتر (1993)، علوم القرآن الكريم، دمشق: مطبعة الصباح، صفحة 193-195. بتصرّف.
  14. سورة المزمل، آية: 20.
  15. "فضل تلاوة القرآن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2020. بتصرّف.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 798، صحيح.
  17. سورة فاطر، آية: 29-30.
  18. عطية قابل نصر، غاية المريد في علم التجويد (الطبعة السابعة)، صفحة 11-12. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 31-32، جزء 33. بتصرّف.
  20. أ.د. فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي (1997)، خصائص القرآن الكريم (الطبعة التاسعة)، الرياض: مكتبة العبيكان، صفحة 172-176. بتصرّف.
  21. سورة الأعلى، آية: 6-8.
  22. د. مساعد الطيار (2008)، المحرر في علوم القرآن (الطبعة الثانية)، السعودية: مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي، صفحة 184، جزء 1. بتصرّف.
  23. عبد العظيم المطعني (1992)، خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة وهبة، صفحة 163-164، جزء 1. بتصرّف.
1,643 مشاهدة