المسجِد الحَرام
يقع المسجِد الحَرام في مكَّة المُكرمة، والواقعِة غربَ المملكة العربيّة السُّعودية، وهو أوّل بيتٍ وُضِعَ في الأرض لعِبادة الله تعالى، كما أنّه قِبلة المُسلمين التي يتَّجهون إليها في صَلاتِهم في جميعِ أنحاءِ العالمَ، وهو من أقدَس بِقاعِ الأرض؛ حيث يحَوي على الكَّعبة المُشرَّفة. يعود سبب تسميةِ المسجد الحرام بهذا الاسم لِحرمةِ القِتال فيه مُنذ أنْ دخل النبيّ - صلى الله عليه وسلّم - مكَّةَ المُكرَّمة فاتحاً لها.
مراحِل بناء المسجِد الحَرام
مرَّ المسجِد الحَرامُ بالعديدِ من أعمالِ البِناء والترميم على مرَّ العُصورِ والأزمِنة، ويرتِبط بناءُ المسجِد مع بِناء الملائِكةِ للكعبةِ المُشرَّفة قبل آدم عليه السلام؛ حيث يُقُال إنَّها كانت جُزءاً من ياقوتةٍ حمراء، ولكنَّ الله رَفعها عندما عاقبَ قوم نوحٍ بالطوفان، ثمَّ أوحى الله تعالى لسيّدنا إبراهيم - عليه السلام - وابنه سيّدنا إسماعيل - عليه السلام - بِمكان الكعبةِ المشرَّفة، وأمرهما بإعادة بنائها، وأنزل جبريل - عليه السَّلام - الحجر الأسود إليهما، وقد كان لونه أبيض، ولكنه صار أسوداً؛ وذلك بسبب الذّنوب التي ارتكبها النّاس على مَرِّ العُصور.
بعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاماً تعرَّضت الكعبةُ للاحتراق؛ نتيجة قِيام امرأةٍ بتبخيرها، فَضَعُف الِبناء، وعندما تعرَّضت الكعبة لِسيلٍ جارفٍ تحطَّمتْ أجزاءٌَ منها، فقامت قريشٌ بترميمها، وعندما اختلفت حول من له الحَق في رفعِ الحجر الأسود، حلّ الخِلاف سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
بعدها دخَل المسجِد الحرام في الكثير من التّوسيعات والتّحديثات؛ لِحماية الكعبة، وزيادة المساحة؛ كي يَتَّسع للمصلين إلى أنْ وَصَل إلى ما هو عليه الآن.
الصَّلاة في المسجِد الحَرام
يُعّد المسجِد الحَرام أحد المساجِد الثَّلاث، والذي قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلّم - أنّها تُشدُّ إليها الرِّحال للصَّلاة فيها، وتُعادِل الصَّلاةُ في المسجِد الحَرام مائة صلاةٍ في المساجِد العادية؛ وذلك استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصَّلاةُ في المسجدِ الحرامِ بمائةِ ألفِ صلاة، والصَّلاةُ في مسجدي بألفِ صلاة، والصَّلاةُ في بيتِ المَقدسِ بخمسمائةِ صلاة " رواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء ، وهذا يَدل على عِظم أجرِها عند الله تعالى، وأهميّة المسجِد الحَرام.
اختلف العُلماء حول إنَ كان المسجِد الحرام مُختصٌ وحدهُ بهذا الأجر، أم مكّة المكرَّمة كاملةً؛ حيث ذهبَ الفريقُ الأول إلى الاستدلال بحديثِ النّبي - صلى الله عليه وسلّم - السابق ذكره، بينما استدل الفريق الثّاني في عُموم الأجر لِمكة المكرَّمة جميعها من آيةِ الإسراء والمِعراج في سورة الاسراء: (سُبحانَ الذي أَسرى بِعبدِهِ لَيلاً مِنَ المَسجِد الحَرامِ إلى المَسجدِ الأقصى الذي باركنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ من آياتنا إنَّهُ هو السَّميعُ البَصير))، ومكان إسراء النبي - صلى الله عليه وسلّم - لم يكن من المسجد نفسه.