ما حكم تطويل الشعر للرجال

كتابة - آخر تحديث: ٢:٢١ ، ٧ يوليو ٢٠١٩
ما حكم تطويل الشعر للرجال

اهتمام الإسلام بجمال الإنسان

خلق الله -تعالى- الإنسان في أحسن صورةٍ وأكمل خِلقةٍ، وجعله جميلاً زيّناً، وذكر ذلك في القرآن الكريم حين قال: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)،[١] كما أمر الله -تعالى- في القرآن الكريم بالتجمّل، واهتمام الإنسان بمظهره وزينته، وأنكر القرآن الكريم كذلك على من يحرّمون ما أبدعه الله عزّ وجلّ، من جمال الخلق في الكون وطبيعته، ممّا وهبه للإنسان، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْـمُسْرِفِينَ* قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)،[٢] ولا يُفهم من حرص الإسلام على جمال مظهر الإنسان أنّه لا يقصد بذلك إلّا العناية بجمال المظهر والبدن، وإنّما يريد الإسلام بذلك جمال الخُلق أيضاً، وجمال التعامل مع الناس والإحسان إليهم، لأنّ جمال الإنسان على نوعين: الجمال الظاهري، والجمال المعنوي، وذلك ما كان حاضراً جلياً في الحضارة الإسلامية الإنسانية.[٣]

إنّ العناية بنظافة الجسد والطهارة من أوضح مظاهر الحضارة البشرية، وهما من أفضل ما يعبّر عن الجمال الحسّي الظاهر أيضاً، وقد جاء الإسلام بمنهجٍ معجزٍ عظيمٍ في ذلك، يهتم فيه بسلامة الجسد والمجتمع كاملاً، حتى وصل الحد إلى أن يذكر الله -تعالى- حبّه للمتطهرين في القرآن الكريم، وذلك بقوله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٤] بل حتى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر بأنّ الطهور نصف الإيمان، وذلك بحديثه الشريف: (الطُّهُورُ شطرُ الإيمانِ)،[٥] إنّ للعلماء في معنى ذلك الحديث قولٌ يشيرون فيه إلى أنّ أجر الطهور يصل تضعيفه إلى نصف أجر الإيمان، ومن الأمور التي جاء بها الإسلام في ذلك الجانب وجوب الغُسل على الإنسان المسلم في كثيرٍ من المواضع؛ كالغُسل بعد الجنابة، والغُسل بعد الحيض، وجعل الغسل في بعض المواضع مستحباً أيضاً؛ كالغُسل يوم العيدين، وغُسل الإحرام، وغُسل يوم الجمعة، كما جاء الإسلام بالوضوء الذي لا تصحّ الصلاة إلّا به، والذي قد يصل تكراره لدى المسلم إلى خمس مراتٍ في اليوم، وبذلك كانت النظافة والعناية بجمال المظهر أمراً دينياً لدى المسلمين، يبتغون به الأجر والثواب.[٣]


حكم تطويل الشعر للرجل

ورد في سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يطيل شعره على عدة صفاتٍ بحسب اختلاف حاله، فقد كان النبي يطيل شعره أحياناً إلى أن يصل شحمة أذنه، وكان يطيله أحياناً حتى يكون بين أذنه ومنكبه، وكان يصل طول شعره أحياناً إلى منكبيه، ونلك الصفات من طول الشعر كانت مقبولةً ومتعارفاً عليها في ذلك الزمان، ولكنّ المسلم إذا كان في بيئةٍ أو زمانٍ لم يعتد فيه الناس على مثل ذلك من تطويل شعر الرجل، أو نظروا إلى فاعله بأنّه مشابهٌ لأهل الفسق، فالأصل بالمسلم أن لا يفعل ذلك، وقد قال الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة إنّ الأصل في حكم تطويل الشعر للرجل جوازه؛ لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يفعل ذلك، ولكنّه مع ذلك خاضعٌ للعادات والأعراف، فإذا شاع بين الناس وكان في عرفهم أنّ طائفةً نازلةً بين النّاس هي من تفعل ذلك، فالأصل بصاحب المروءة أن لا يتشبه بهم، أمّا إن صار ذلك الفعل منتشراً بين الناس، فيفعله شريفهم ووضيعهم، فلا بأس للمسلم أن يطيل شعره.[٦][٧]

ويظهر من ذلك أنّ إطالة الشعر بالنسبة إلى الرجل يعدّ من الأمور المباحة، والتي تخضع لطبيعة الناس، والأعراف السائدة بينهم، ولا يجوز الردّ على ذلك القول بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يطيل شعره؛ لأنّ مسألة إطالة الشعر ليست عائدةً في حكمها إلى باب السنّة والتعبّد، بل إلى باب العرف والعادة؛ وذلك لأنّ فعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك الباب يعدّ مجاراةً لقومه، فإنّ ذلك تصرفٌ بحسب الجبلّة والعادة، وليس أمراً تكليفياً، وليس فيه قرينةٌ تدلّ على أنّ الشارع أراد منه معنىً معيناً، ولو كانت إطالة الشعر مقصودةً من قبل الشارع، لوجّه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى فعلها؛ كما وجّه إلى إبقاء اللحى، ولكنّه لم يفعل ذلك، بل ورد عن النبي استحسان حلق وائل بن حجر لشعره، والحاصل أنّ إطالة الشعر ليس فيه ثوابٌ، وتقصيره لا يترتب عليه عقابٌ، إلّا إن اقترن بذلك قرينةٌ شرعيةٌ دالّةً على الاستحباب أو الكراهية، كما هو الحكم في حلقه، فمن حلق شعره في النُّسك كان فعله مستحباً مأجوراً، ومن فعله بقصد التقرّب في غير النُسك كان فعله محظوراً، وقد خالف فيه مقتضى االشرع.[٦][٧]


سنن متعلقة بالشّعر

ورد في سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جملةٌ من السنن والآداب في ما يتعلق بشعر الإنسان، وفيما يأتي بيان بعضها:[٨]

  • ترجيل الشعر وتمشيطه باليد اليمنى، فقد كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يحب التيامن في أموره كلّها، ومن ذلك تمشيط شعره.
  • دهن الشعر وتسريحه، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كثير الدهن لشعره، كما كان يكثر من تسريح لحيته أيضاً.
  • فرق شعر الرجل أفضل من إسداله، وإسدال الشعر هو إرساله، أمّا فرقه فهو جعله على جانبي الرأس.
  • جعل الشعر على شكل ضفائرٍ، إذا كان طويلاً، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يفعل ذلك.
  • نتف شعر الإبط؛ لأنّه يقّلل إنبات الشعر في تلك المنطقة.
  • حلق العانة.
  • قصّ الشارب دون حلقه؛ لأنّ الأمر جاء بالقص والحف لا بالحلق.


المراجع

  1. سورة التين، آية: 4.
  2. سورة الأعراف، آية: 31-32.
  3. ^ أ ب د.راغب السرجاني (2010-5-17)، "عناية الإسلام بالجمال الظاهري للإنسان"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية: 222.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 223، صحيح.
  6. ^ أ ب "هل يجوز للرجل تطويل شعره وتضفيره ؟ وهل يؤجر عليه ؟"، www.islamqa.info، 2005-4-25، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
  7. ^ أ ب خالد بن سعود البليهد، "حكم إطالة الرجل لشعره"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
  8. يحيى بن موسى الزهراني، "الشَّعر ... أدلة وأحكام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
1,523 مشاهدة