العمل
ذُكِر العمل في الكثير من النصوص الدينيّة التي وَرَدت في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة على حدٍّ سواء، حيث قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)،[١] وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلّم- يعمل هو ومن سَبَقه من الرُّسُل كذلك، والدليل قَوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما بعثَ اللهُ نبيًا إلا ورعى الغنمَ قالوا: وأنت يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ : نعم كنتُ أرعاها على قراريطَ لأهلِ مكةَ)،[٢] كما حثَّ الرسول على العمل، وحَثَّت الآيات القرآنيّة عليه؛ حتى لا يُصبِحَ الإنسان عالة على الآخرين؛ وذلك لأنّ الإسلام دين العمل وليس الكسل.[٣]
ويُعرَّف العمل بأنّه عدد من المُهمَّات الوظيفيّة المُتناغِمة، حيث يتألَّفُ العمل من عدّة مهمَّات ومسؤوليّات مُحدَّدة يجب إنجازها على أكمل وجه، من خلال: الكمّ، والقياس، والتقييم، مقابل حصول العامل على أجره المادِّي،[٤] والعمل لغة: هو المِهنة، أو الوظيفة، وتُجمَع على أعمال، وهو الفعل الذي ينجزه الإنسان؛ بهدف الحصول على النَّفع، أمّا العمل النصفيّ، أو الجزئيّ، فهو العمل الذي يتمُّ إنجازه خلال نصف عدد ساعات العمل، ونصف مقدار المال المخصَّص للعمل كلِّه.[٥]
أنواع العمل
ينقسم العمل إلى أربعة أنواع أساسيّة، تتمثّل في ما يأتي:[٦]
- العمل التِّقَنيّ: يناسبُ هذا النوع الأشخاص الذين يمتلكون مقدرة على التحليل، ومشاركة التفاصيل الخاصّة بالعمل مع زملائهم، والمقدرة الكبيرة على التحدِّي، وتحديد أسباب وتفاصيل المشاكل التي تظهر في العمل.
- العمل الإداريّ: يُناسب هذا النوع الأشخاص الذين يَتمتّعون بالمقدرة على إدارة الأعمال، وبناء فِرَق العمل ذات الأساس القويّ، وتنظيمها؛ بهدف تنفيذ الأعمال، ويكون هدفهم تحسين الأعمال، وجعلها تَصِل إلى أعلى المراتب.
- العمل في نطاق الأعمال الحُرَّة: يتَّصف الأشخاص في هذا المجال بحُبِّهم للبيئة، ووجود روح التحدِّي لديهم، حيث يتَّخذون القرارات بشكل سريع دون الاعتماد على الحقائق، كما أنّهم يُنجِزون المهمّات مهما كان ضَغْط العمل، وبشكل سريع، ومن المُمكِن أن يندرجَ العاملون في المبيعات تحت هذه الفئة.
- العمل الذي يحتاج إلى رُؤية: يُناسب هذا النوع الأشخاص الذين يمتلكون الاستراتيجيّات، وروح الإبداع، مع وجود المقدرة على صُنْع أفكار جديدة، إلّا أنّه من المُمكِن أن تكون بعض الأفكار الناتجة عن أولئك الأشخاص قليلة الخبرة من الناحية الإداريّة، وفي أحيان أخرى قد تكون الأفكار فعّالة في صناعة مُؤسَّسات عظيمة.
الحكمة من مشروعيّة العمل
شُرِع العمل في الإسلام لأمور عِدَّة، منها:[٧]
- تطبيق مصطلح القِوامة الذي أمر الله -عز وجل- به في هذه الحياة، وتعني القوامة: إقامة دين الله -عزَّ وجلّ-، ويحتاج هذا الأمر إلى القوّة التي تظهر من خلال العمل في أيِّ ميدان من ميادين الحياة.
- تحقيق قوّة المسلمين وعِزّتهم، حيث يُساعِد العمل في الصناعة، والحِرف اليدويّة، على كفاية حاجة المسلمين من الصناعات، كما أنّ العمل في الزراعة يُساعِد على سَدِّ حاجات المسلمين من الطعام، ممّا يُؤدِّي إلى قُوّة الأُمّة الإسلاميّة، وعدم هوانها.
- مُساعدة الإنسان على دَرْء المفاسد عنه.
- التقليل من وقت الفراغ لدى الإنسان؛ لأنّ أوقات الفراغ قد تكون السبب في انصراف الإنسان نحو المفاسد، أو المَلذّات والمُلهِيات؛ ولهذا لا بُدَّ من أن يستفيد الإنسان المسلم من وقت فراغه في إنجاز الأمور النافعة، قال الله -عزّ وجلّ-: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب).[٨]
- مُساعَدة الإنسان على عِمارة الأرض، قال الله تعالى : (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها فَاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ).[٩]
أهمّية العمل
للعمل أهمّيةٌ كبيرة في حياة الإنسان، وتتلَخَّص في النقاط الآتية:[١٠]
- زيادة القدرات العُمّاليّة، من أجل أن تصل لأرفع المراتب الهندسيّة والتقنيّة.
- توحيد الأمّة، والعمل على سدِّ حاجاتها.
- جَعْل الإنسان يَحصل على طعامه وشرابه بطريقةٍ صحيحةٍ، ضِمْن الضوابط الدينيّة والأخلاقيّة.
- مُقوِّمٌ أساسيٌّ لبناء المُجتمَعات التي تُساهم في تحقيق النجاح لكافّةِ الأفراد، والمُحافظة على تطوُّر مُجتمَعِهم.
- المُساعَدة على تعليم الفَرد الصَّبر، والمقدرة على تحمُّل ما يصيبه من شدائد.
- تعزيز مقدرة الفَرد على الإنتاجيّة الذاتيّة، بعيداً عن الاعتماد على الآخرين في الحصول على حاجاته الخاصّة.
أهداف العمل
للعمل عدد من الأهداف التي يجب تحقيقها، نذكر منها ما يأتي:[١١]
- زيادة الأرباح: حيث يُعتبَر الهدف الرئيسيّ من العمل، هو الحصول على الرِّبح المادِّي، على اختلاف نوع العمل، سواء كان تجاريّاً، أو صناعيّاً، أو مُتعلِّقاً بنظام الخدمات، إذ تُساعِد زيادة أرباح العمل على استمراريّة وُجودِه؛ وذلك لأنّ زيادة نسبة الأرباح تُساهم بشكلٍ كبيرٍ في زيادة كفاءة العمل.
- رَفْع مستوى الإنتاجيّة والأداء: يُساعِد رَفْع مستوى أداء العاملين وتعزيزه على زيادة الإنتاجيّة، ممّا يُؤدِّي إلى زيادة الأرباح، ويُساهم في دَعْم العمل، وتنميته، ومن الأمور الداعمة لذلك: تعزيز العاملين، وتحفيزهم، وإثارة الدافعيّة فيهم، الأمر الذي ينعكس على إنتاجيّة العمل، وبالتالي تحسينه.
- النموّ والتوسُّع: حيث إنّ زيادة أرباح العمل تُؤدِّي إلى الانتقال بالتفكير إلى توسعة العمل، وتنميته، وتطويره، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في نُموّ العمل وتوسُّعِه من ناحية العدد، والكَمّ.
- دَعْم التقنية والتطوير: إذ تُعتبَر إضافة التقنية إلى العمل وتطويره من العمليّات المُهمّة جدّاً للعمل، حيث تُساعِد على توفير الوقت، والجهد.
المراجع
- ↑ سورة الملك، آية: 15.
- ↑ رواه الألباني، في مشكلة الفقر، عن --، الصفحة أو الرقم: 32، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ د. محمد بن لطفي الصباغ (3/10/2009)، "الإسلام دين العمل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2018. بتصرّف.
- ↑ "job ", www.businessdictionary.com, Retrieved 8/6/2018. Edited.
- ↑ "تعريف و معنى عمل في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2018. بتصرّف.
- ↑ Lou Adler , Lou T. Adler، "The Four Basic Work Types Every Recruiter Should Recognize"، www.inc.com, Retrieved 8/6/2018. Edited.
- ↑ "المبحث الثالث: حكمة مشروعية العمل :"، www.alifta.net، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الشرح، آية: 7-8.
- ↑ سورة هود، آية: 61.
- ↑ "أهمية العمل عند المسلمين"، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 62، صفحة 124، 125. بتصرّف.
- ↑ Julie Davoren, "10 Most Important Business Objectives"، azcentral.com, Retrieved 8-6-2018. Edited.