محتويات
صيام رجب
إنّ صيام النوافل مشروعٌ في أيّ وقتٍ من العام، إلا في أوقاتٍ معيّنةٍ، وهي: شهر رمضان؛ لأنّ رمضان ليس وقتاً لصيام التطوع، وفي العيدين، وأيام التشريق، ويوم الجُمعة، ومن صيام النافلة المشروع في السنة؛ صيام يومي الاثنين والخميس من كلّ أسبوعٍ من أسابيع الشهر الواحد، بما في ذلك شهر رجب، بشرط ألا يقصد الصائم تخصيص شهر رجب بصيامه الاثنين والخميس، ودليل ما سبق ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتحرَّى صومَ الاثنينِ والخَميسِ)،[١] وكذلك من صيام النفل المشروع؛ صيام الأيام البيض من كلّ شهرٍ من أشهر العام، وبما فيها شهر رجب، ومن صيام النفل أيضاً؛ صيام يومٍ وإفطار يومٍ، حيث ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أَحَبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ عليهِ السلامُ، وأَحَبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، وكان ينامُ نصفَ الليلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، ويصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا)،[٢] والصيام النفل مشروعٌ في أيّ شهرٍ من أشهر العام، كما أنّه مشروعٌ في حقّ من كان من عادته صيام النوافل أم لم يكن، وبناءً على ذلك؛ فالصيام في شهر رجب كغيره من الأشهر، وليس لشهر رجب فضلٌ وخصوصيّة في الصيام عن غيره من الشهور، كما أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نهى عن الصيام في شهر رجب؛ لأنّ في ذلك تشبّه بالجاهلية، كما أنّه كان يأمر الصائمين في رجب بالأكل، كما روى الصحابي خرشة بن الحر، حيث قال: (رأيتُ عمرَ يضربُ أكُفَّ المُترجِّبينَ حتى يضعوها فى الطعامِ ويقولُ : كُلوا فإنما هو شهرٌ كانت تُعظِّمُه الجاهليةَ).[٣][٤]
فضل صيام رجب
ورد في القرآن الكريم ما يخصّ شهر رجب؛ وذلك في قول الله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ)،[٥] فشهر رجب من الأشهر الحُرم التي وردت في الآية السابقة، فالأشهر الحُرم، هي: شهر رجب، وشهر محرّم، وشهر ذو القعدة، وشهر ذو الحجّة، وسمّيت حُرماً؛ لأنّ القتال محرّم فيها، كما أنّ انتهاك المحرمات فيها أشدّ تحريماً من باقي الشهور، ولم يثبت أي نصٍّ صحيحٍ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدلّ على أنّ صيام شهر رجب له أفضليّة، فذلك لا أصل له في الشرع، إلا أنّ ما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يدلّ على استحباب الصيام في الأشهر الحُرم بشكلٍ عام، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأنّ الأحاديث النبويّة التي ورت بخصوص صيام شهر رجب كلّها ضعيفةٌ، وقد تكون موضوعةً كما أنّ أهل العلم لا يعتمدون على أيٍّ منها، وهي ليست من الأحاديث الضعيفة التي يُستند إليها في فضائل الأعمال، كما قال ابن القيم رحمه الله: إنّ الأحاديث التي وردت في فضل صيام رجب وقيام بعض لياليه، من الكذب المفترى على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّ صيام اليوم السابع والعشرين من شهر رجب وتخصيص ليلته بالقيام من البدع المُحدثات في الدين الإسلامي، كما قال ابن عثيمين.[٦]
شهر رجب
بيّن العلماء بعض الأحكام المتعلقة بشهر رجب، وخاصّةً ما انتشر بين الناس حول أفضليّة بعض الأعمال على بعض في شهر رجب، وبيان ذلك على النحو الآتي:[٧]
- العمرة في شهر رجب: لم يدلّ أيّ حديثٍ من الأحاديث النبويّة على أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- اعتمر في شهر رجب، فمن البدع التي انتشرت بين الناس؛ تخصيص شهر رجب على غيره بأداء العمرة؛ اعتقاداً بأنّ العمرة في شهر رجب ذات أفضليّةٍ خاصّةٍ، فلا يجوز تخصيص أيّ عبادةٍ من العبادات بأوقاتٍ معيّنةٍ لم يحدّدها الشرع، ومن الجدير بالذكر أنّه لا بأس بأداء العمرة في شهر رجب من غير اعتقاد الخصوصيّة والأفضليّة، كما لا بأس بالعمرة في رجب إن تيسّرت فيه.
- صلاة الرغائب: أقام بعض الكذّابين والوضّاعين صلاة الرغائب في أوّل ليلةٍ من ليالي شهر رجب، وقال الإمام النووي عنها: إنّها بدعةٌ منكرةٌ، كما أنّها تتضمّن منكراتٍ، ويجب الإعراض عنها وإنكارها على فاعلها، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ صلاة الرغائب بدعةٌ باتّفاق الأئمة، مثل: مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي، وأشار إلى أنّ الحديث المرويّ ممّا يخصّ صلاة الرغائب مكذوبٌ بإجماع أهل علم الحديث.
- الاحتفال بالإسراء والمعراج: لم يرد أيّ دليلٍ على أنّ الإسراء والمعراج كان في الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب، ولا يجوز تخصيصها بأيّ عبادةٍ من العبادات، ولا الاحتفالات التي تُقام فيها، ولا إظهار الفرح والسرور بها، حيث إنّ ذلك لم يرد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، أو السلف الصالح.
- زيارة المقابر: إنّ من البدعة تخصيص شهر رجب بزيارة المقابر؛ حيث إنّها تجوز في أيّ وقتٍ من أوقات العام دون تخصيصٍ.
- الذبح في شهر رجب: نهى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن تخصيص شهر رجب بالذبح، حيث كانت عادةً من عادات الجاهليّة.
- الصدقة في شهر رجب: لا يجوز تخصيص شهر رجب ببذل الصدقات؛ حيث إنّ الصدقات مشروعةٌ في كلّ الأوقات، والاعتقاد بأنّ الصدقة في شهر رجب لها أفضليّةٌ خاصةٌ؛ هو اعتقادٌ خاطئٌ لا أصل له.[٨]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 745، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن خرشة بن الحر الفزاري، الصفحة أو الرقم: 957، صحيح.
- ↑ "صيام شهر رجب"، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 36.
- ↑ "الصوم في شهر رجب"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
- ↑ "تبيهات حول شهر رجب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
- ↑ "ما قيل في فضائل شهر رجب وبدعه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.