محتويات
سبب تسمية شهر شعبان بهذا الاسم
سُمِّي شهر شعبان بهذا الاسم لأنَّ الناس كانوا يتشعَّبون فيه، أي: يَتَفَرَّقُون فيه بالأرض بحثاً عن المياه، وقيل: تفرقهم في الغارات، وقد قال ابن حجر: "سُمِّي شعبان لتشغيلهم في طلب المياه، أو الغارات، بعد أن يخرج شهر رجب الحرام"، وقيل غير ذلك، ولا ميّزة لشعبان كشهرٍ على غيره من الشهور، إلا ما ورد من كثرة صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه، ودليل ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ).[١][٢]
فضائل صوم شهر شعبان
إن من رحمة الله تعالى على عباده أن يسّر لهم مواسم للعبادات والطاعات، فكان لزاماً على المؤمن أن يتعرض لهذه النفحات لينال العطيات والهِبات، ومن هذه المواسم شهر شعبان الذي كان له خصوصية عند رسول الله، وكان يُكثِر من الصوم فيه،[٣] وتظهر فضائل صيام شهر شعبان فيما يأتي.
شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله
هناك أوقات تُرفَع فيها الأعمال إلى الله تعالى، وهي مُقَسَّمَة على النحو الآتي:[٤]
- رفع يومي: حيث يُرفَع إلى الله -سبحانه- عمل كل يوم صباحاً ومساءاً، ويُرفَع عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل.
- رفع أسبوعي: حيث تُرفَع الأعمال يومي الاثنين والخميس إلى الله سبحانه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرص على أن يُرفَع عمله إلى الله وهو صائم.
- رفع سنوي: حيث تُرفَع الأعمال إلى الله في شهر شعبان من كل سنة، بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل عن سبب كثرة صيامة في شعبان فقال: (ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[٥] وعندما يعلم المسلم حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يُرفَع عمله إلى الله وهو صائم، يستن بسنّته ويقتفي بأثره، ويحرص على أن يُرفَع عمله إلى الله وهو صائم، بالإضافة إلى أن معرفة المسلم برفع الأعمال في هذه الأوقات، يجعله يجتهد في عمل الصالحات والواجبات والمستحبات، ويبتعد عن البدع والسيئات والمحرمات.
صيام المسلم في وقت يغفل عنه الناس
لما كان شهر شعبان شهر يغفل عنه الناس بين شهر رمضان المبارك وشهر رجب المحرم، كان صيامه يُكسِب المسلم فضيلة عبادة الله -تعالى- في وقت يغفل عنه الناس، وتظهر ميزة ذلك فيما يأتي:[٦]
- إخفاء النوافل وإسرارها: ولا شك أن إخفاء المسلم لقيامه بنوافل العبادات هو أفضل من إظهارها، لا سيما الصوم لكي يَسْلَم من الرياء، وهذا كان نهج السلف الصالح حيث كانت السنة عندهم إخفاء صيام التطوع بالادِّهان والتطيب، ولبس الثوب الحسن، وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعرف عنه أحد.
- أن الصوم في وقت الغفلة أشق على النفس: ولا يخفى أن العبادات الشاقة على النفس هي الأفضل، وتأتي هذه المشقة لأن الصائم في شعبان لا يجد من يُعينَه على الطاعة، وقد قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "واعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات والشهوات، فإذا ثابر عليها طالِب الفضل دل على حرصه على الخير، ولهذا فُضِّلَ شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت، وفُضِّلَ ما بين العشائين، وفُضِّلَ قيام نصف الليل، ووقت السحَر".
- توفير الأمن والحماية للناس: فالمسلم المنفرد بالطاعة في وقت غفلة الناس هو بمثابة مدافع عنهم ضد البلاء، ومنقذ لهم من غضب الله -تعالى- عليهم بسبب غفلتهم.
استعداد المسلم لاستقبال رمضان
إن صيام شهر شعبان يُعين على صيام رمضان ويعتبر استعداداً له للأسباب الآتية:[٦]
- اعتبر بعض العلماء أن صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- لشهر شعبان أكثر من غيره هو بمثابة تعظيم لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيماً لحقها.
- يعتبر صيام شهر شعبان كتمرين على صيام شهر رمضان حتى لا يدخل المسلم في صوم رمضان وهو في تعب ومشقة، بل يستقبله وهو في نشاط وقوة.
- يعتبر شهر شعبان كالمقدمة لرمضان، فيُشرَع فيه ما يُشرَع في رمضان من العبادات؛ كالصِّيام وقراءة القرآن ليحصل الاستعداد لاستقبال رمضان، وتتعود النفس على طاعة الله تعالى.
سبب لمغفرة الله
وهب الله -تعالى- أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- شهر شعبان كمنحة ربانية، فإن لله -سبحانه- في أيام العمر أشهراً وأياماً يمتنّ بها على عباده بعمل الطاعات، ويتفضَّل عليهم بما يعدُّه لهم من أثر تلك العبادات، فشهر شعبان بمثابة هدية من الله إلى عباده الصالحين، لا سيما أن فيه ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان، ودليل تعظيمها ومغفرة الذنوب فيها قوله صلى الله عليه وسلم: (يطَّلِعُ اللهُ تبارك وتعالى إلى خَلْقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميعِ خَلْقِه، إلا لمشركٍ أو مُشاحنٍ)،[٧] فتعتبر هذه الليلة فرصة لكل مسلم مقصر ومخطئ أن يبدأ مع الله صفحة جديدة خالية من الذنوب والمعاصي، وفرصة لكل حاقد وحسود ومشاحن أن يُطَّهِر قلبه وصدره من هذه الأحقاد متمثلاً قوله تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).[٨][٩]
ولا بد من الإشارة إلى أن يوم النصف من شعبان لا يُخصّ بصيام، ولا تُخصّ ليلته بقيام، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقم بذلك على وجه الخصوص، ولم يثبت عنه ذلك، ولا عن أصحابه رضوان الله عليهم، ومعظم الأحاديث التي وردت في ليلة النصف من شعبان أحاديث ضعيفة، وموضوعة، ومكذوبة،[١٠] وقد انتشرت في المجتمع المسلم بعض البِدع التي لا تصح في شهر شعبان، ومنها ما يأتي:[١١]
- صلاة البراءة: وصفتها أن يصلّي المسلم مئة ركعة قيام ليل في النصف من شعبان.
- صلاة ستّ ركعات: فقد انتشر بين الناس أن صلاة ستّ ركعات في ليلة النصف من شعبان من شأنه أن يدفع عنهم المصائب والبلاء، ويطيل أعمارهم، ويغنيهم عن الناس.
- قراءة سورة يس والدعاء في هذه الليلة بدعاء معين: وهذا الدعاء هو: "اللهم يا ذا المَّن، ولا يُمَّنُ عليه، يا ذا الجلال والإكرام".
- الاعتقاد أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر: قال الشقيري: "هو باطل باتفاق المحققين من المُحَدِّثين".
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشةرضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 1969، صحيح.
- ↑ مرشد الخزوني (25-4-2017)، "شهر شعبان"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
- ↑ د محمد الدبيسي (2013)، حال المؤمنين في شعبان (الطبعة الخامسة)، القاهرة: مسجد الهدي المحمدي، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ "شعبان.. شهر ترفع فيه الأعمال"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
- ^ أ ب أحمد عرفة (8-6-2013)، "فضائل شهر شعبان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسة الصحيحة، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 1144، صحيح بمجموع طرقه.
- ↑ سورة الحشر، آية: 10.
- ↑ عبد الله الحامد، "وقفات تربيوية مع شهر شعبان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2019. بتصرّف.
- ↑ ماجد البنكاني، "فضل ليلة النصف من شعبان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2019. بتصرّف.
- ↑ "شعبان بين السُنة والبدعة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019. بتصرّف.