مظاهر التوازن في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم
استطاعت شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم اجتذاب أنظار الناس إليها؛ بألقها، وعظمتها، وروعتها، وسماتها الفريدة، وصفاتها الحسان، ولعلَّ أبرز سمات هذه الشخصية العظيمة؛ التوازن، إذ يعتبر التوازن في شخصية رسول الله صلى عليه وسلم من أبرز ما يدلّ على أنّه صلى الله عليه وسلم رسول آخر الزمان، وخاتم الأنبياء، والمرسلين، وفيما يلي تبيان لأبرز مظاهر التوازن في هذه شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التوازن السلوكي
يعتبر التوازن السلوكيّ في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أبرز الأسباب التي جعلت منه قدوة للمسلمين، وحتى لغير المسلمين، الذي يبحثون عن الشخص المثالي، ليستضيئوا بنوره، وهديه خلال حياتهم. إلى جانب ذلك، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، مُتعدِّد الأدوار؛ فهو الرسول، والعابد، ورئيس الدولة، والقائد العسكري، والأب، والزوج، والجد، والصاحب، مما جعل الجميع قادرين على إيجاد الطرق الرشيدة التي تُمكِّنهم من التعامل مع سائر أنواع المواقف التي قد يتعرَّضون لها في حياتهم.
من أبرز مظاهر التوازن السلوكي في الشخصية النبوية الجليلة؛ ذلك التوازن العجيب والدقيق بين أقواله، وأفعاله؛ فبعض القادة يحثّون أتباعهم على فعل سلوكات مُحدّدة، ويستثنون أنفسهم، غير أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أوّل من يطبّق كلّ ما يصدر عنه من أقوال، وإرشادات، وكان إذا عانى المسلمون من شيء، فإنّ معاناته منه تكون ضعفي معاناة أحدهم.
إلى جانب ذلك، فقد جمع رسول الله صلى عليه وسلم بين الحزم، واللين، فكان يغضب غضباً شديداً للحق، ولأجل الحق، وإذا ما انتهكت محارم الله، في حين أنّه كان دائماً يغضُّ الطرف عن إساءة أدب بعضهم معه، أو عن بعض الجهلة الذين يحاولون إثارة التشغيبات، أو استفزاز المسلمين، فكان الحلم مرافقاً لرسول الله صلى عليه وسلم أينما حلَّ، وارتحل، هذا وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم محاسن الأخلاق كلِّها.
التوازن النفسي
حبا الله تعالى رسول الكريم صلى الله عليه وسلم بشخصية متوازنة من الناحية النفسيّة، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الشخص الذي لا تعرف الدعابة، أو الابتسامة إليه سبيلاً، بل كان دائماً يداعب صحابته الكرام، وأهل بيته، وسائر إخوانه المسلمين، وفي الوقت ذاته لم يكن رسول الله صلالله عليه وسلم بذلك الشخص الذي يقضي حياته كلها في الضحك، والهزل، ومن هنا فإنّه يمكن القول أنّ شخصيته العظيمة استطاعت جمعت بين الجد، والدعابة باعتدال، ودون إسراف.
من جانب آخر، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزن كما يحزن سائر الناس، ويبكي كما يبكون، ولم يكن بكاؤه مرتفع الصوت، وكان يبكي دائماً من خشية الله تعالى، وخوفاً على أمته، وحزناً على فقدان حبيب من أحبته، وما أكثر من فقدهم صلى الله عليه وسلم في حياته.