التعليم
لقد ظلّت عمليّة التعليم لقرون عديدة تأخذ نفس الشكل والنمط، وبقيت الخبرات بين الأجيال تسير بشكل بطيء دون ملاحظة الكثير من التغيرات في هذه العملية أو حتّى في المعلومات والمواد الدراسية بين الأجيال، إلى أن وصلنا إلى القرن العشرين الذي عاش فيه الإنسان ثورة تطوّر فارقة في كل المجالات، ومن أهمها التكنولوجيا التي أصبحت تدخل كل بيت وتستخدم في شتّى أمور الحياة، ولا شكّ بأنّها من أهمّ أساليب التعليم الحديثة لما توفّره من وقت وجهد، ومع الانخفاض المستمر في أسعار الحاسب الآلي والاستمرار بإنتاج حواسيب أصغر حجماً عن السابق، أصبح إدخال هذه التقنية في التعليم أمراً أسهل من ذي قبل، ولا تقتصر هذه التقنية على الاعتماد على الحاسب فقط بل امتدّت لاستخدام الانترنت في إيصال المعلومات للطالب بشكل أوضح من الطرق التقليدية، فهناك طرق قديمة للتعليم تمّ الاستغناء عنها في وقتنا الحالي لأنّها عديمة الجدوى، حتى وجود المعلم في مكان التدريس أصبح بالإمكان الاستغناء عنه ومن الممكن أن يقوم المعلّم بإعطاء المحاضرات عن بعد بحيث يتمّ استخدام الفيديو مثلاً ونقل المحاضرة بشكل مباشر إلى الطلاب.
هذه التقنية على الرغم من فوائدها إلّا أنّها لا زالت في بداياتها في دولنا العربية تحديداً، فهي تستخدم في المدارس الخاصة ذات الأقساط المرتفعة ولا تستخدم بشكل كبير في المدارس الحكومية، بل تقتصر على إعطاء دروس في الحاسب الآلي واستخدامه في نفس الدرس، أو استخدام الطالب الإنترنت للأبحاث بشكل شخصي، والسبب في ذلك عدم قدرة بعض الدول على توفير الأجهزة التكنولوجية الكافية لطلاب المدارس الحكومية والتي يتواجد فيها الطلاب بشكل أكبر من المدارس الخاصة.
إنّ دمج المعلوماتية في التدريس يأخذ عدّة أشكال، فبدلاً من حمل الحقيبة التي قد تكون أثقل وزناً من صاحبها، أصبح بالإمكان الاحتفاظ بالكتب والدروس والواجبات في جهاز صغير يحمله الطالب سواء كان حاسب آلي أو جهاز لوحي وباستخدام شريحة الذاكرة الصغيرة يمكن تخزين أكبر قدر من المواد والأبحاث اللازمة للدراسة، هذه من أول مزايا المعلوماتية في التدريس، كما أنّ دمج هذه الوسائل بالتعليم من شأنه أن يزيد من مهارات الطالب في البحث والنقاش مع زملائه عن المواد اللازمة للدراسة باستخدام الإنترنت وبهذا يكتسب الطالب أكبر قدر من الخبرة والمعلومات قبل سؤال المعلم عن استفساراته، ولا يعني هذا ضرورة الاستغناء عن المعلم بل بالعكس أصبح الوصول إلى المعلم أسهل من قبل على الرغم من أنّنا اعتدنا على وجوده في الفصل بشحمه ولحمه لكن الفرصة لسؤاله ليست دائماً متاحة، فمن الممكن أن ينشغل المعلم أو تنتهي المحاضرة أو الحصة قبل أن يتمكّن الطالب من سؤاله.
كل الأسباب سابقة الذكر، جعلت التربية والتعليم تعيد النظر في أسلوب التعليم المتبع لديها، لأنّه من الصعب وفي ظلّ التكنولوجيا التي هي بالأصل أساسها العلم، أن تتخلّى التربية والتعليم عن استخدام الطرق الحديثة للتعليم أو التدريس سواء في الجامعات أو المدارس ولكن كل هذا يعتمد على إمكانيات تلك الدولة وما تستطيع توفيره من أدوات لجعل التدريس يتبع أحدث وسائل التكنولوجيا المعاصرة.