أسباب مرض النقرس

كتابة - آخر تحديث: ٢١:٢٠ ، ٧ يوليو ٢٠٢٠
أسباب مرض النقرس

نظرة عامة حول مرض النقرس

يُعدّ مرض النقرس أو تقرس إبهام القدم (بالإنجليزية: Gout)، المعروف تاريخيًا بداء الملوك أو مرض الأغنياء، أحد أنواع التهابات المفاصل الشائعة، وعادةً ما يؤثر في مفصل واحد من مفاصل الجسم، ويكون في الغالب مفصل الأصبع الكبير من القدم،[١] كما يمكن أن يصيب مفاصل الكاحلين، والركبتين، والكعب، والمرفقين، والمعصمين، والأصابع،[٢] وفي الحقيقة تظهر أعراض مرض النقرس وتزداد شدّتها خلال فترات تُعرف بالنوبات، ثمّ تقلّ شدّتها أو تختفي الأعراض فيما بعد فيما يُعرف بالهدأة أو سكون المرض (بالإنجليزية: Remission)، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ أعراض نوبة النقرس تبدأ بالحدوث بشكلٍ مفاجىء، ويمكن أن تستمر لعدة أيام أو أسابيع، وقد تتبعها فترة طويلة من الهدأة أو سكون المرض قد تصِل إلى أسابيع، أو شهور، أو سنوات تختفي فيها الأعراض قبل أن تعود للظهور مرةً أخرى، ومن الأعراض التي يمكن أن ترافق الإصابة بداء النقرس؛ احمرار منطقة المفصل المُتأثرة، وانتفاخها، والشعور بحرارة وألم الشديد فيها، وإنّ الإصابة بنوبات النقرس المتكررة قد تؤدي إلى المُعاناة من التهاب المفاصل النقرسيّ (بالإنجليزيّة: Gouty arthritis)، وعليه يجب اتخاذ الإجراءات المُناسبة التي تُمكّن من تقليل حدوث النوبات والسيطرة عليها.[١]


يُشخص الطبيب عادةً داء النقرس من خلال تقييم الأعراض، وإجراء الفحص البدني، وإخضاع الشخص لفحوصات تصويرية من بينها التصوير بالأشعة السينية، إضافةً إلى الفحوصات المخبرية،[١] وقد تتضمّن التحاليل المخبرية أخذ عينة من سائل المفصل المُصاب وإخضاعها لإجراءات مُعينة،[٢] وفي الحقيقة، لا يُمكن تحقيق التعافي التامّ من مرض النّقرس، إذ تهدف العلاجات والإجراءات المُتبعة إلى السيطرة على الأعراض، والتقليل من احتمالية حدوث النوبات المستقبلية ومضاعفات النقرس، وتتضمّن الخطّة العلاجيّة وصف مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drug)، أو الستيرويدات (بالإنجليزية: Steroids)، أو الكولشيسين (بالإنجليزيّة: Colchicine) بهدف السيطرة على الأعراض، ويُمكن تقليل النوبات والمضاعفات باتباع أنماط حياة مُعينة، والتقليل من الجرعات أو إيقاف استخدام الأدوية التي من شأنها التسبّب بزيادة الحالة سوءًا، وقد توصف العلاجات الوقائية في العديد من الحالات.[١]


أسباب مرض النقرس

يحدث داء النقرس غالبًا نتيجة ارتفاع نسبة حمض اليوريك (بالإنجليزيّة: Uric acid) في الدم، إذ يترتب على ذلك تراكم بلورات اليورات (بالإنجليزيّة: Urate crystals) في المفصل، مُسبّبًا ذلك المُعاناة من أعراض النّقرس، ولفهم آلية ذلك يجدر بيان أنّ حمض اليوريك يتكوّن في الجسم نتيجة تكسّر جزيئات البورين (بالإنجليزيّة: Purine) التي توجد بشكلٍ طبيعي في الجسم، ويُشار إلى أنّ البورين يوجد في العديد من أنواع الأطعمة أيضًا، والتي ستتمّ الإشارة إليها لاحقًا، وإنّ حمض اليوريك يذوب في الدم بشكلٍ طبيعي ويمر عبر الكلى، بحيث يتمّ التخلص منه خارج الجسم عن طريق البول، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يُصنّع الجسم كميات كبيرة من حمض اليوريك، أو قد تقل قدرة الكلية على التخلّص منه، وبالتالي يترتب على تراكم هذا الحمض تشكّل بلورات اليورات الحادّة التي تُشبه الإبر؛ سواء أكان ذلك في المفصل أو حول الأنسجة، مما يؤدي إلى المُعاناة من مرض النقرس.[٣]


عوامل خطر الإصابة بمرض النقرس

توجد العديد من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بداء النقرس، ويُمكن بيانُها بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:[٤]


العوامل الجينية

يُعد العامل الرئيسي للإصابة بداء النقرس ارتفاع حمض اليوريك في الدم،[٥] وحقيقةً ليس من الضروري تطوّر النّقرس في جميع حالات ارتفاع حمض اليوريك في الدم، ولكن هُناك علاقة طردية بينهما، فكلّما كانت الزيادة في مستويات حمض اليوريك أكبر زادت احتمالية تطوّر مرض النّقرس،[٦] وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ العوامل الجينية قد تلعب دورًا في تطوّر الإصابة بداء النقرس، وقد يرتبط ذلك بالجينات ذات الصّلة بعملية نقل اليورات في الجسم، أو التخلص من اليورات الزائد في الدم عن طريق البول، أو إعادة امتصاصه إلى مجرى الدم في حال حاجة الجسم للمزيد منه، وفي سياق الحديث عن العامل الجينيّ والوراثيّ يُشار إلى أنّ فرصة إصابة الفرد بالنقرس ترتفع في حال وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بالمرض نفسه،[٥] هذا وقد تؤثر العديد من الاضطرابات الجينية في قدرة الجسم على الحفاظ على التوازن بين كمية حمض اليوريك التي يتمّ إنتاجها والكمية التي يطرحها، مما يترتب على ذلك ارتفاع مستويات حمض اليوريك وزيادة احتمالية الإصابة بالنقرس.[٤]


طبيعة النظام الغذائي

كما ذكرنا سابقاً ينتج حمض اليوريك بسبب تكسر مادة البورين في الجسم، ويتم ترشيحه من الدم عن طريق الكلى، وطرده من الجسم عن طريق البول، وقد يترتب على تشكّل حمض اليوريك بصورةٍ أسرع من قدرة الجسم على التخلّص منه تراكمه وتسبّبه بالنّقرس، وقد يكون لأنواعٍ مُعينة من الأطعمة والمشروبات دورًا في ذلك، ومنها الأطعمة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من البورين؛ مثل اللحوم كلحم العجل، وأنواع مُعينة من المأكولات البحرية، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ المشروبات عالية الفركتوز، مثل: المشروبات الغازية وعصائر الفواكه المُحلّاة من شأنها التسبّب بارتفاع حمض اليوريك في الدم نظرًا لأنّ السكريات المُركّزة تُضعف قدرة الكليتين على طرح حمض اليوريك، كما وتجدر الإشارة إلى أنّ للكحول دورًا في زيادة خطر الإصابة بالنّقرس، وخاصة تلك التي تُصنّع من الخميرة؛ إذ تحتوي نسبة عالية من البورين،[٤] ومن الجدير بالذكر أنّ هُناك القليل من الأدلة العلمية التي تدعم الفكرة القائمة على أنّ تجنب الأطعمة الغنية بالبورين يقلل احتمالية حدوث نوبات النّقرس بشكلٍ حتمي، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الانقطاع التامّ عن تناول أنواعٍ منها قد يتسبّب بحرمان الشخص من المُغذيات والفيتامينات التي تحتويها، وعليه يمكن القول إنّ تناول غذاء صحيّ متوازن يحتوي على الأطعمة الصحية بكمياتٍ مناسبة يُحفاظ على صحة الشخص عامةً.[٧]


السمنة

تبيّن أنّ الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن أو السُمنة هم أكثر عُرضة للإصابة بداء النقرس مقارنة بغيرهم، وحقيقةً تعددت الآراء حول الرابط بين السمنة والنقرس، ومن ذلك أنّه يُعتقد أنّ دورة حياة الخلايا والأنسجة لدى المصابين بالسمنة أسرع من أقرانهم، وإنّ هذه الدورات تتضمن تصنيع حمض اليوريك كناتج عمليات حيوية، وبذلك فإنّ المصابين بالسمنة أكثر عُرضة للمعاناة من النقرس،[٨] ومن جهة أخرى تبيّن أنّه كلما زادت مستويات الدهون في الجسم زادت فرصة إصابة الشخص بالالتهابات؛ نظرًا لارتباط ذلك بإنتاج الخلايا الدهنية مركبات السيتوكينات المُحرّضة للالتهابات (بالإنجليزيّة: Pro-inflammatory cytokines)، بما في ذلك الالتهابات المُرتبطة بالنّقرس،[٩] وفي سياق الحديث عن علاقة الوزن بالنقرس يُنصح المصاب بالنقرس بفقدان الوزن الزائد بشكلٍ تدريجي؛ إذ إنّ ذلك يساهم في تقليل مستويات حمض اليوريك وخطر حدوث نوبات النّقرس، ويجب التنويه إلى ضرورة تجنّب الحميات الغذائية التي تقوم على فقدان الكثير من الوزن بسرعةٍ، فقد يكون لذلك تأثير مُغاير؛ بمعنى أنّه من الممكن أن يتسبّب بارتفاع مستويات حمض اليوريك وتحفيز حدوث نوبات النّقرس.[٧]


الجنس والعمر

يُعاني العديد من الأشخاص من أول نوبةٍ من نوبات النّقرس خلال المرحلة العمرية بين 30-50 عامًا، ويزداد خطر الإصابة بالنّقرس مع التّقدم في العمر، ويُعتبر الرجال أكثر عرضة للإصابة بالنقرس مُقارنةً بالنّساء،[١٠] فوفقًا لإحدى الدراسات التي نشرها موقع "Nature" عام 2018 م فإنّ نسبة الإصابة بارتفاع حمض اليوريك في الدم تبلغ حوالي 7.9% بين الرجال، و4.9% بين النّساء،[١١] أمّا بالنسبة للنساء فمن النادر أن يُعانين من داء النقرس قبل انقطاع الطّمث؛ ويُعزى ذلك إلى أنّ هرمون الإستروجين يزيد من كمية اليورات التي يتمّ ترشيحها بواسطة الكليتين، ولكن بعد انقطاع الطّمث، تنخفض مستويات هرمون الإستروجين؛ وبالتالي فإنّ خطر الإصابة بالنّقرس يزداد.[١٢]


العوامل الصحيّة

تزيد بعض الحالات الصحية فرصة الإصابة بداء النقرس، ويؤثر بعضها بشكل مباشر أو غير مباشر في وظائف الكلى، هذا ويجدر التنبيه إلى أنّ بعض المشاكل الصحية قد تتمثل بحدوث استجابة التهابية غير طبيعية في الجسم، وهذا ما يُحفّز حدوث النقرس، وأخيرًا يعتقد بعض العلماء أن بعض المشاكل الصحيّة قد تُحفز إنتاج حمض اليوريك بشكلٍ أكثر من المعدل الطبيعي،[٤] وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ الخضوع لعمليات جراحيّة مُعينة مؤخرًا يُعزّز احتمالية الإصابة بالنّقرس،[١٣] وفيما يتعلّق بأكثر المشاكل الصحيّة شيوعاً والتي تزيد من خطر الإصابة بداء النقرس -وخاصة في حال عدم السيطرة عليها بالعلاجات المناسبة- نذكر ما يأتي:[٤]

  • فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic anemia).
  • قصور الغدة الدرقية (بالإنجليزيّة: Hypothyroidism).
  • داء السكري.
  • سرطان الغدد الليمفاوية (بالإنجليزيّة: Lymphoma).
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الصدفية (بالإنجليزيّة: Psoriasis).
  • التهاب المفصل الصدفي (بالإنجليزية: Psoriatic arthritis).
  • فشل القلب الاحتقاني (Congestive heart failure).
  • القصور الكلوي المزمن (بالإنجليزيّة: Chronic kidney disease).
  • ارتفاع مستوى الدهون والكوليسترول في الدم.[١٤]


الأدوية

يُمكن أن تزيد بعض أنواع الأدوية من مستويات حمض اليوريك في بعض الحالات كأحد الآثار الجانبية المترتبة على استخدامها، ولكن يجدر التنويه إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب المختص وعدم التوقف عن أخذ أي منها دون استشارته، فالفوائد المجنيّة من أخذها تفوق الآثار الجانبية المُحتملة، ونذكر من هذه الأدوية ما يأتي:[١٤]

  • بعض أدوية الوقاية من تجلّط الدم؛ مثل الأسبرين (بالإنجليزيّة: Aspirin) بجرعاتٍ مُنخفضة.
  • بعض الأدوية المُستخدمة في علاج ضغط الدم؛ مثل: مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين (بالإنجليزيّة: Angiotensin-converting-enzyme inhibitors)، وحاصرات بيتا (بالإنجليزيّة: Beta-blockers).
  • الأدوية المستخدمة في علاج حالات ارتفاع الكوليسترول في الدم؛ مثل النياسين (بالإنجليزيّة: Niacin).
  • مثبطات المناعة المُستخدمة في عمليات زراعة الأعضاء؛ ومنها: التاكروليموس (بالإنجليزية: Tacrolimus)، وسيكلوسبورين (بالإنجليزيّة: Cyclosporine).[١٥]
  • بعض مدرات البول؛ مثل: الفيوروسيميد (بالإنجليزيّة: Furosemide) والهيدروكلوروثيازيد (بالإنجليزيّة: Hydrochlorothiazide).[١٥]
  • بعض العلاجات الكيميائية.[١٦]


الجفاف

يعتقد الخبراء أنّ السبب وراء اعتبار الجفاف (بالإنجليزيّة: Dehydration) أو عدم شرب كميات كافية من الماء عامل خطر للإصابة بداء النقرس هو ما يتسبّب به الجفاف من زيادة في تركيز حمض اليوريك بشكلٍ سريع، وفي الحقيقة يُعد الطّقس الحار أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى الجفاف؛ إذ إنّ التعرق يُمكن أن يُسبّب فقدان السوائل من الجسم، وقد يُعاني البعض من الجفاف أثناء السّفر الجوي، حيث إنّ تغيرات الضغط الجوي وعدم وجود ترطيب بنسبة كافية في الطائرة خاصّة في الرحلات الطويلة قد يلعب دوراً في زيادة احتمالية حدوث الجفاف لدى الشخص، لذا يُنصح بشرب ستة إلى ثمانية أكواب من الماء في الوضع الطبيعي، والحرص على زيادة كمية السّوائل والماء التي يتمّ شربها في حالات التعرّق بشكلٍ كبير؛ كما يحدث عند التعرض للطقس الحار، أو عند ممارسة التمارين الرياضية وخاصة الشاقة، أو المشي لمسافاتٍ طويلة.[١٧][١٨]


فيديو عن مرض النقرس

ولمزيد من المعلومات يمكنكم مشاهدة فيديو تتحدّث فيه فنيّة المُختبر دانا سلمية عن أسباب مرض النّقرس والطّرق الوقائيّة منه.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Gout", www.cdc.gov, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب "Gout", medlineplus.gov, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  3. "Gout", www.mayoclinic.org, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج Carol Eustice (17-7-2019), "Causes and Risk Factors of Gout"، www.verywellhealth.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  5. ^ أ ب "Gout", ghr.nlm.nih.gov, Retrieved 27-12-2-19. Edited.
  6. "The Link Between Diabetes and Gout", www.webmd.com, Retrieved 13-01-2019. Edited.
  7. ^ أ ب "Gout and diet", arthritisaustralia.com.au, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  8. "Everything you need to know about gout", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  9. James McIntosh (28-11-2017), "Everything you need to know about gout"، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  10. Kevin Anbari (1-7-2014), "All About Gout - Symptoms, Diagnosis, Treatment"، www.arthritis-health.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  11. "Prevalence and correlates of hyperuricemia in the middle-aged and older adults in China", www.nature.com, Retrieved 13-01-2020. Edited.
  12. "What is gout?", www.versusarthritis.org, Retrieved 27-12-2109. Edited.
  13. "Gout", www.mayoclinic.org, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  14. ^ أ ب "Gout", www.nhsinform.scot, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  15. ^ أ ب Marcy Bolster, "Gout"، www.rheumatology.org, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  16. "Hyperuricemia (High Uric Acid)", chemocare.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  17. Kristen Stewart (15-5-2014), "9 Gout Triggers to Avoid"، www.everydayhealth.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
  18. Evan L. Siegel (23-6-2015), "It’s Summer…Watch Out for GOUT!"، www.washingtonarthritisrheumors.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
1,633 مشاهدة