سورة الزخرف
سورة الزخرف، سورةٌ مكية، عدا الآية الرابعة والخمسين فهي مدنية، عدد آياتها تسع وثمانون آية، وهي من السور المُسمّاة بالحواميم، أي أنّها تبدأ ب (حم)، وسميت بسورة الزخرف لورود كلمة الزخرف فيها والتي سيأتي التفصيل فيها لاحقاً.
سبب التسمية
سُمّيت سورة الزخرف بذلك لما اشتملته من تصويرٍ لمتاع الدنيا وبريقها الموصوف بالزخرف، وقد تكرّر في السورة الكريمة ذكر الذهب والفضة، وجاء ذلك في الآيات الكريمة التالية: (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ، وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ). [الزخرف: 33ـ35] أي لولا أن يفضّل الناس دنياهم على دينهم، لجعلنا أعالي بيوت أهل الكفر من فضة، وكذلك أبواب بيوتهم، وأدراجهم التي يصعدون عليها، والسرر التي يتكئون عليها، ولجعلنا لهم مع كلّ ذلك زخرفاً أي ذَهباً، إلا أنّ الله اصطفى للمؤمنين الدار الآخرة وحذّرهم من الانغماس في شهوات الدنيا الزائلة.
محاور السورة
تناولت سورة الزخرف أصول الإيمان، كالإيمان بالوحدانيّة، والرسالة، والبعث، والجزاء، كما أنّها ناقشت المظاهر الماديّة كونها من أخطر أسباب ضياع الأمة، بل إنّها أوضحت أنّ الزخرف الحقيقيّ هو في نعيم الجنة وملذّاتها، وكأنّها تحمل رسالة للناس بألا تنبهروا بزينة هذه الحياة الدنيا؛ لأنّ متاع الآخرة أعظم وأهمّ، كما توضّح السورة أنّ الشرف الفعلي في التمسّك بالوحي المنزل، بالقرآن الكريم، كما ذكرت السورة مثالاً واقعياً للفرد المُتمسّك بماديّة هذه الدنيا، ألا وهو فرعون، حيث إنّه كان غارقاً في متاع الدنيا وعندما جاءته رسالة النبي موسى عليه السلام قابلها بماديّة بحتة، حيث استخفّ بموسى قائلاً أنت مَهينٌ لولا أن يلقي عليك ربُّك أساور من ذهبٍ تتفاخر بها حتى يتبع القوم دعوتك التي تدّعيها.
سبب نزول السورة
- عن ابن عباس رضي الله عنه، قال : لمّا بعث الله محمداً رسولاً، أنكرت العرب ذلك وقالوا: كان غير محمد أحق بالرسالة من محمد، وكانوا يقصدون الوليد بن المغيرة من مكة، ومسعود بن عمرو الثقفي من الطائف، فأنزل الله الآية رداً عليهم: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف: 31]>
- عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نادى في قريش: (يا معشر قريش لا خير في أحد يعبد من دون الله، قالوا: أليس تزعم أنَّ عيسى كان عبداً نبياً وعبداً صالحاً؟ فإن كان كما تزعم فهو كآلهتهم؛ فأنزل الله تعالى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابنُ مَريم مَثلاً).